للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقصد أولئك الأئمة الأعلام معروف، هو مساعدة الناس على فهم الكتاب والسنة، ولم يكن قصدهم أن يأتي من بعدهم أناس يتعصبون لأقوالهم. وبعد ذلك انتشر التقليد المتعصب، وانسد باب الاجتهاد والبحث والتقصي وراء الأحكام، ودارت الأيام والسنون والله تعالى ييسير لهذه الأمة بين الفينة والأخرى من يوقظها من سباتها، ويعيد لها بإذن ربها أمر رشدها، ويضم شملها، ويطرد الشكوك والتعصب والاختلاف عنها.

وكان بدء البعد والاختلاف بسبب وجود الدعوات المناوئة للإسلام، والتي تريد المسلمين مختلفين في أمرهم، ولا تريد اجتماعهم، ومع علم الكثير بهذا إلا أننا نلاحظ عددًا من الجماعات الإسلامية تمارس الدعوة إلى الله مع وجود تنافر وتباغض بين هذه الجماعات، فما هو المبرر؟ ولماذا لا يتحد هؤلاء تحت راية الدعوة إلى الإسلام، ويتركوا الحزبية الضيقة والتعصب للأشخاص؟ وإذا كان يوجد لدى إحدى هذه الجماعات أخطاء - وجل من لا يخطئ - فعند الأخرى مثلها أو أكثر أو أقل، فلماذا لا يسود التفاهم والتناصح والألفة والمحبة والاجتماع على ضوء الآيات السابقة، حتى يسود مجتمعاتنا جهد مكثف للدعوة، لا تنافر ولا حقد ولا كراهية؟ ولا نقول إن إحدى هذه الجماعات على خطأ، ولكن نخاف أن تفقد الهمة، وتضعف العزيمة، ويولد جيل من المخلصين لا يعرف إلا التعصب والتحزب لهذه أو تلك. وهذا ما يريده أعداء الإسلام عاجلًا أو آجلًا، فماذا ننتظر؟ هل ننتظر اليهود والصليبيين والشيوعيين ليوحدوا صفوف الدعاة إلى الله؟ لماذا لم يختلفوا في باطلهم، ولم يتفرقوا في غيهم؟ والمسلمون تفرقوا شيعًا كل يدعي أن الحق معه. هذه أمنية لأعداء الإسلام، إن الداعية إلى الله لا يحب أن يصرف جهده إلى علم أو طريقة معينة، فلا يصرف مثلًا جهده لعلم من العلوم الإسلامية دون آخر، وإنما يجب أن يصرف جهده لجميع أنواع العلوم الإسلامية، من حديث وفقه وتوحيد وتفسير، ويجب عليه معرفة الأمراض التي تسري في الأمة سريان النار في الهشيم. ومعالجتها وتوضيح بطلانها، وأعود فأقول: يجب ضم جميع الجماعات الداعية إلى الله تحت راية واحدة، حتى يتحقق الأمل المنشود.

والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>