للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الخامس

الدعوة إلى الإصلاح بين الناس لاسيما بين الأخوة

إن الإسلام وهو دين الفطرة معني بالحياة الاجتماعية، وأن تكون هذه الحياة قائمة على التواد والتحابب، لهذا تراه يحض على الألفة، يقول صلى الله عليه وآله وسلم: ((لا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف)) ،

والقرآن الكريم مملوء بالآيات التي تحض الإنسانية جمعاء على التعاون والمحبة والسلام، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً} [البقرة: ٢٠٨] ، وقال عز وجل: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: ٢] ، كما قال: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [النساء: ٨٦] ، كل هذا يبين للإنسان وجهة الدين، ورغبته في أن يعيش الناس في وئام وتآلف ومحبة وسلام.

وإذا كانت هذه مقاصد الدين الحنيف كان جليًّا أن من يعمل على إفساد هذه الميادين، وإحلال الكراهية محل المحبة، والشقاق محل الوفاق، والتفكك محل الارتباط، مَن يعمل هذا يكون عاملًا على هدم أسس الاجتماع والترابط.

من أجل هذا أمر الحق سبحانه وتعالى جماعة المؤمنين أن يجعلوا من أنفسهم جماعة تراقب العلاقات الاجتماعية الأخوية، وتوفر لها ما يلزمها من الصفاء الدائم والصحة التامة، فإذا ما حدث أمر يهدد أخوة المجتمع، من خلاف بين أفراده، أو نزاع على شأن من شؤون الحياة؛ وجب على كل فرد في المجتمع أن يهب ليصلح ما طرأ على العلاقات الأخوية من فساد، ويذود عنها العطب والتلف، من أجل سلامة إيمان المؤمنين، ومن أجل سلامة المجتمع وصيانته من الدمار، وهكذا عقب الله سبحانه وتعالى على وصف مجتمع المؤمنين بالأخوة بالأمر بالإصلاح بقوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الحجرات: ١٠] ، من أجل هذا كانت إزالة الشحناء من نفوس المسلمين، والعمل على صفاء قلوب بعضهم لبعض، وتنقيتها مما علق بها من أدران الفساد، وعوامل الشقاق، ودواعي الفرقة، من أهم المقاصد التي يحث عليها الشارع الحكيم، ويترتب عليها الثواب العظيم، فقد اهتم الإسلام بإصلاح ذات البين حفاظًا على وحدة المسلمين وسلامة قلوبهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>