للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو يكلف الذين آمنوا - من غير الطائفتين المتقاتلتين طبعًا - أن يقوموا بالإصلاح بين المتقاتلين، فإذا بغت إحداهما فلم تقبل الرجوع إلى الحق، ومثله أن تبغيا معًا برفض الصلح، أو رفض قبول حكم الله في المسائل المتنازع عليها، فعلى المؤمنين أن يقاتلوا البغاة إذن، وأن يظلوا يقاتلونهم حتى يرجعوا إلى أمر الله، وأمر الله هو وضع الخصومة بين المؤمنين، وقبول حكم الله فيما اختلفوا فيه وأدى إلى الخصام والقتال، فإذا تم قبول البغاة لحكم الله قام المؤمنون بالإصلاح القائم على العدل الدقيق، طاعة لله وطلبًا لرضاه: {وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الحجرات: ٩] . ويعقب على هذه الدعوة وهذا الحكم باستجاشة قلوب المؤمنين الذين آمنوا، واستحياء الرابطة الوثيقة بينهم، والتي جمعتهم بعد تفرق، وألفت بينهم بعد خصام، وتذكيرهم بتقوى الله، والتلويح لهم برحمته التي تنال بتقواه: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الحجرات: ١٠] .

ومما يترتب على هذه الأخوة أن يكون الحب والسلام والتعاون والوحدة هي الأصل في الجماعة المسلمة، وأن يكون الخلاف أو القتال هو الاستثناء

الذي يجب أن يرد إلى الأصل فور وقوعه، وأن يستباح في سبيل تقريره قتال المؤمنين للبغاة من إخوانهم ليردوهم إلى الصف، وليزيلوا هذا الخروج على الأصل والقاعدة، وهو إجراء صارم وحازم (١) .


(١) تآلفوا ولا تخالفوا، جمال الأحمر، ص٢٥٨ (بتصرف) .

<<  <  ج: ص:  >  >>