ثم أشار إلى المسؤولية المشتركة والمتبادلة وذلك بالاهتمام بأمور المسلمين؛ فمن لم يهتم بأمور المسلمين ليس منهم، والمسلمون يسعى بذمتهم أدناه، وهذا يتطلب الاطلاع على أحوال المسلمين والتعرف إلى الشعوب الإسلامية، والتدخل لحل النزاعات التي تنشب فيما بينها.
كما أشار إلى عنصر ثالث هو قيام حكم إسلامي؛ لأن الوحدة تتكون من شعور اجتماعي ومن توجه سياسي بحكم إسلامي.
ونوه بما اشتمل عليه الفقه الإسلامي في مجال السياسة، وهناك كتب الأحكام السلطانية المعروفة التي تبين أن الإسلام دين ودولة، وأنه لا يكفي الاقتصار على الجوانب التعبدية أو المعاملات، وإنما لابد من تحقيق النظم الإسلامية.
وأشار إلى الحضارة والثقافة الإسلامية التي تشمل العلوم الإسلامية والأدب الإسلامي والفن الإسلامي والصنائع والتقاليد، وتشمل أيضًا اللغات الإسلامية.
والحقيقة أن إشارته إلى اللغات كانت عميقة، ولا يخفى أن من الاستعمار استعمارًا لغويًّا تتعرض إليه كل الشعوب الإسلامية التي تترك لغتها العربية واللغات الإسلامية الأخرى تراثية، وتهتم باللغات الأجنبية التي ترتبط بحضارة الغرب ومدنيته وثقافته.
وأخيرًا ختم ببيان السماحة الإسلامية وأنه لابد منها فلا يجوز التفاخر والتعصب والتفرقة المذهبية، وأشار إلى مساهمته في ذلك من خلال بحث قدمه إلى لجنة تنسيق العمل الإسلامي المشترك. وإشارته موجودة في بحثه.
ثم ختم بحثه بالإشادة بأعلام الوحدة الإسلامية من شتى المذاهب، وبدأ بما كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فهو إمام الوحدة، ثم الخلفاء الراشدون، ثم أئمة المذاهب، وأشار إلى الأشعري حينما سمى كتابه (مقالات الإسلاميين) فأثبت صفة الإسلام لهذه المذاهب التي تنتمي إلى هذا الدين ولا تخرج عن هذا الاسم فلا ينزع اسم الإسلام عن الشخص إلا إذا تجهم لمبادئه الأساسية. كما أشار إلى الطوسي والشريف الرضي والزمخشري والطبرسي، ونوه أخيرًا بأئمة الوحدة في العصر الحديث من أمثال: الأفغاني ومحمد عبده والمراغي والزنجاني، والشيخ عبد المجيد سليم والشيخ محمود شلتوت والشيخ محمد تقي القمي، والشيخ عبد العزيز عيسى، والشيخ حسين البروجردي والشيخ محمد حسين كاشف الغطاء، والشيخ عبد الحسين شرف الدين والشيخ محسن الأمين.
وهذا عرفان بفضل هؤلاء الذين انتبهوا إلى مكمن الخطورة والتفرق والتشرذم في الأمة الإسلامية ودعوا إلى تجاوز الخلافات وتعزيز الوحدة الإسلامية من خلال مبادئها.
أما البحث الثاني: وهو لفضيلة الشيخ محمد الستري. فقد تكون من ثلاثة مقاصد بعد التمهيد إلى تمزق الوحدة الإسلامية مع أنها ركن في عزة الإسلام. وهذه المقاصد التي بني عليها بحثه تناولت أسباب الاختلاف والفرقة، ثم معوقات الوحدة الإسلامية، وأخيرًا نوه بالطرق إلى الوحدة الإسلامية.