للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ عبد اللطيف آل محمود:

بسم الله الرحمن الرحيم.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

شكرًا للإخوة الذين تقدموا بهذه البحوث وكل من أدلى بدلوه من جانب من جوانب الوحدة وشعوره ومشاعره وهي مشاعر المسلمين جميعًا. والوحدة الإسلامية ليست أملًا بل هي واجب شرعي على كل فرد يؤمن بالله ربًا وبالإسلام دينًا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيًّا ورسولًا. والقرن الحادي والعشرون هو القرن الذي يراهن فيه الأقوياء في زماننا بعد أن عملوا في القرن العشرين على تمزيق الأمة إلى دول متحاجزة متباعدة، يعملون في القرن الحادي والعشرين على تمزيق كل دولة من دول العالم الإسلامي والتي لا تسير في فلكها خاصة إلى دويلات طوائف وأحزاب وجماعات ومذاهب بأيدي أبنائها لا بأيديهم هم.

والوحدة لها مظاهر كثيرة ذكرها بعض الباحثين سواء كانت وحدة سياسية أو اقتصادية أو عسكرية أو غير ذلك، لكن أهم مظهر من مظاهر الوحدة - وهو واجب العلماء والمفكرين - هو العمل على الوحدة الشعورية. الوحدة الشعورية هي مهمة العلماء - علماء الأمة ومجتهديها - ومهمة أتباعهم، فإن حققوا المطلوب منهم شرعًا للوحدة فقد حصلوا أعظم الأجر وإلا فإنهم يتحملون أعظم الوزر إن خالفوا ما يريد الله - عز وجل - أن نحققه. هذه الوحدة تحتاج إلى أسس تُعتمد ويُعمل بها لمصلحة الأمة الإسلامية انطلاقًا من كل قرية ومدينة ومحافظة ودولة حتى ينطلق كل فرد في هذه الأمة محققًا للوحدة بذاته مع إخوانه الذين يجاورونه.

لكن الذي نراه على أرض الواقع هو أن الذي يمارس هو الانتصار لحظ النفس أكثر من الانتصار لحظ الإسلام، فذلك ما نشاهده في دولنا من غير استثناء بحيث نرى أن الفكر الموحد يدور حول صاحبه، ونرى في ذات الوقت عدم اهتمامهم بالآخرين أو طعنًا فيهم أو عملًا على إبعادهم حتى عن ساحة الإسلام، وهذه مشكلتنا نحن.

والأقوياء في زماننا يريدون أن يحققوا التفرق بأيدنا نحن، وهذا ما ينبغي أن يعلمه أبناؤنا أن العدو لم يتمكن منا بمقدار ما مكناه من أنفسنا، ولقد صدق الله - عز وجل - حيث قال: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد: ١١] ، ولقد غيرنا الله - عز وجل - وغير ما بأنفسنا من فُرقة في الماضي وأمرنا بالاعتصام بحبله. ونحن نرى ظاهره في كثير من دولنا تعمل على تغيير أنفسنا من البحث عن الوحدة إلى البحث عن التفرق ومن النظر إلى الأصل إلى النظر إلى الفروع، وهذه مهمة ليست سهلة، ربما كان التعليم من أهم الركائز، ولكن للمسجد ولمكان الوعظ وللدرس أثر في تحقيق الوحدة الشعورية، يوم أن ينطلق العالم خاصة والواعظ والخطيب والمدرس وغيرهم بوجود هذا الشعور والإيمان به، ومحاولة التركيز على ما يجمع الأمة مع أخذ لما اختلفوا فيه؛ فإن ذلك سبيل من سبل تحقيق وحدة الأمة التي نرجو أن يقر الله أعيننا بها ما دمنا في هذه الحياة القليلة.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

<<  <  ج: ص:  >  >>