للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هكذا نشأت العلمانية، في سياق التنوير الوضعي الغربي، لتمثل عزلا للسماء عن الأرض، وتحريرًا للاجتماع البشري من ضوابط وحدود الشريعة الإلهية، وحصرًا لمرجعية تدبير العالم في الإنسان، باعتباره (السيد) في تدبير عالمه ودنياه.. فهي ثمرة عقلانية التنوير الوضعي، الذي أحل العقل والتجربة محل الله والدين (١) .

وسرت عدوى هذا الاتجاه وامتدت إلى الشرق الإسلامي، وحمله الذين درسوا من أبناء المسلمين في مؤسسات التعليم العلمانية، الذين انبهروا بتقدم الغرب في مجال العلوم الطبيعية، وظنوا أن مرد ذلك هو فصل الدين عن الدنيا، وأخذت المحافل الماسونية والأحزاب والجمعيات ذات الاتجاه الغربي اللاديني تنشره بين أبناء المسلمين بكل ما أوتوا من وسيلة دعائية وإعلامية وتعليمية.

وزحفت العلمانية بقوة تنتشر بين المسلمين مع جيوش المستعمرين الغربيين ومدارسهم العلمانية، ومن معهم من المستشرقين.

وقد ظهرت العلمانية في ظل حكم (كمال أتاتورك) في تركيا بشكل صارم وعنيف، وكشفت عداءها الشديد للإسلام.

ثم ظهرت في كثير من بلدان العالم الإسلامي باسم فصل الدين عن السياسة، وأنه لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين.

وما تزال تظهر لهم تطبيقات في معظم بلدان العالم الإسلامي، ولو لم تحمل هذه البلدان شعار العلمانية بشكل سافر (٢) .


(١) معركة المصطلحات بين الغرب والإسلام، د. محمد عمارة، ص٢٥.
(٢) كواشف زيوف، عبد الرحمن حبنكة، ص١٦١ - ١٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>