للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أليست هذه خطوات بروتوكولات حكام صهيون والشيوعية والماسونية؟!

ولو عدنا إلى مناهج هؤلاء لم نجد ثمة فرقًا بينها وبين المناهج المادية الصرفة، سواء نظرية (فرويد) أو (دارون) صاحب نظرية النشوء والارتقاء، وأصحاب نظريات علم الاجتماع أمثال: ماركس ونيتشه ...

وجعلوا مناهج هؤلاء حكمًا على المناهج الإسلامية دون أن يبينوا لنا ما هو خطأ المناهج الإسلامية بنظرة موضوعية فاحصة، فقللوا من شأن علم الجرح والتعديل، ولم يأتونا ببديل، ونالوا من علم أصول الفقه دون بيان سبب، وتمسكوا بكتب التاريخ التي لا يصمد منها شيء أمام مناهج المحدثين، وأخذوا الروايات الواهية، والإسرائيليات، وتركوا صحيح الكتاب والسنة، وظنوا بذلك أنهم علماء ومجتهدون. وفي الحقيقة إننا نواجه حقبة زمنية تتكالب فيها علينا الأمم في شتى مناحي الحياة، وليس أمامنا إلا أن نتارص صفًّا واحدًا للدفاع عن ديننا، فنحن نواجه أشرس غزو فكري من الداخل والخارج.

التمهيد للعلمانية في البلاد العربية:

يدعي بعض العلمانيين أن الإسلام جاء استجابة لأوضاع تطورت داخل المجتمع العربي، سواء كانت اقتصادية أو بسبب قوة الشعور القومي، والتي اقتضت توحيد الديانات، واعتبرت عمل الحنفاء كان لتزكية هذا الاتجاه، بل وحاولت قطع علاقة الأحناف بسيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام، بل والتشكيك في وجوده، ونسوا أن الرسالة (موجهة) للناس كافة، وأن نزول القرآن بلغة العرب ليس لسبب قومي بقدر ما هو لخصائص اللغة العربية، التي قال عنها العلامة عبد الحميد الفراهي الهندي:

(وكانت العرب على غاية قصوى في تأثرهم بالكلام) .

إلى أن يقول:

(وشدة تأثير أقوالهم، فكأن كلامهم يحمل روحًا منهم، وكأن السامع يتأثر له من وجهين: من قوة المتكلم ومن اعتيادهم التأثير.. إلى أن يقول: فكان قولهم وسمعهم من القوة والإصابة كضربة سيف مرهف) (١) .

وبالرغم من هذه الأقوال المنصفة يحاولون تضخيم تاريخ الجاهلية، وتصوير التاريخ الجاهلي بشكل حضاري، وأن التطور الطبيعي كان سيؤدي بالحتم إلى نفس المكانة التي نالوها بالإسلام، بل ادعى بعضهم أن الجاهلية هي جذور الشريعة (محمد سعيد عشماوي - خليل عبد الكريم) ، ولكن لا غرابة فعلي ناصر الدين يقول:

(القومية بالنسبة إلينا نحن القوميون العرب دين له جنته وناره، ولكن في هذه الدنيا) (٢) .

ويقول عمر فاخوري: لا ينهض العرب حتى تصبح العربية أو المبدأ العربي دينًا يُغار عليه كما يغار المسلمون على القرآن الكريم، والمسيحيون على إنجيل المسيح الرحيم (٣) .


(١) القومية والعلمانية، د. عدنان زرزور، ص٨١.
(٢) القومية والعلمانية، د. عدنان زرزور، ص٩٨.
(٣) القومية والعلمانية، ص٩٨ - ٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>