للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم أخذوا يمجدون العقل والمذهب العقلي، وراجت في هذا الاتجاه كلمة (العقلانية) .

ثانيًا: ادعاؤهم وجود التناقض بين العلم والدين، بعد أن حصر الاصطلاح الغربي الحديث اسم (العلم) في المعارف التي تقدمها وسائل الملاحظة والتجربة الحسيتين، والتطبيقات ونتائجها، وحصر اسم (المنهج العلمي) بهذه الوسائل.

وبنوا على هذا الادعاء الباطل مقولتهم التي تتضمن ما يلي:

بما أن الوسائل العلمية الإنسانية تكشف عن الحقائق بيقين، نظرًا إلى ما تشتمل عليه من المشاهدات والإدراكات الحسية، والتجارب والتطبيقات، فالدين هو الذي ينبغي طرحه وعدم الاعتماد عليه، ويجب الأخذ بالمناهج والوسائل العلمية الإنسانية. ويتجرأ الوقحون منهم فيقولون: إن الدين خرافة وأوهام من صناعة أوهام الناس، أو من اختلافاتهم لخدمة مصالحهم، أو إن الدين أفيون الشعوب.

ثم أخذو يمجدون العلم - وفق مصطلحهم الحديث - والمذهب العلمي التجريبي، ويرفضون الدين رفضًا كليًّا، أو يعزلونه عن شؤون الحياة، ويحصرونه في دوائر صغيرة جدًا، غيبية أو تعبدية، وراجت في هذا الاتجاه كلمة (العلمانية) .

* ولتثبيت دعوى التناقض بين العقل والدين، وبين العلم والدين، والاقتناع بأن ذلك واقع فعلًا؛ استغل أعداء الدين ما يلي:

١ - أغاليط رجال الكنيسة النصرانية في مجالات العلوم الكونية، وتفسيرات ظاهرات العالم المادي، وفي المجالات الفكرية الفلسفية، والتي نسبوها إلى الدين وأضافوها إليه افتراء أو جهلا.

٢ - أغاليط اليهود وتحريفاتهم وافتراءاتهم على دين الله، والتناقضات الموجودة في التوراة من حيث التواريخ والحقائق العلمية.

٣ - خرافات أديان أخرى محرفة عن أصولها المنزلة.

٤ - خرافات أوضاع بشرية سمت أنفسها أديانًا وهي لا تمتُّ بصلة إلى دين رباني، لا في تفريعاتها ولا في أصولها.

٥ - أغاليط مفسري وشراح النصوص الدينية، وما يجزمون بنسبته إلى الدين من دلالات نصوص دينية غير ثابتة قطعية، ومن كتب غير محققة كالتواريخ.

وهكذا انطلق هؤلاء من المذهب المادي المعتمد على التجربة الحسية، وحاولوا تطبيقه على التاريخ والعلوم الإنسانية، وهذا خطأ شديد لأن مناهج البحث تختلف من علم لآخر.

وهذا هو أساس خطئهم سواء عن قصد أو عن سوء نية.

<<  <  ج: ص:  >  >>