للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وللحقائق العلمية طرق إثبات أخرى، وطرق إثبات الحقائق العلمية في الفكر الإسلامي تتلخص بما يلي:

١ - المعرفة المباشرة: وهذه تكون بالإدراك الحسي، ولو بوسائل الأجهزة والآلات والأدوات الصناعية أو الطبيعية.

٢ - الاستدلال العقلي بمختلف طرقه الاستنتاجية والاستنباطية، وهو منهج إدراك الغيبيات التي لا تخضع للتجريب، والأمور الوجدانية.

٣ - الخبر الصادق، وهو قسمان:

- إنساني يعتمد على الناس في نقل الأخبار والمعارف المختلفة، بعضهم عن بعض (وهو التواتر المفيد للعلم) .

- عن طريق الوحي الرباني الذي يختص الله به المصطفين من عباده، وثقة الناس بمن يبلغ من الناس عن الوحي مباشرة، مشروطة بأن يكون مؤيدًا من الله بالمعجزة، فالمعجزة للنبي بمثابة الشهادة من الله بالصدق فيما يبلغ عنه.

* وعلى هذا فالمقابلة ليست بين الدين والعلم، ولكن بين طرق اكتساب العلم الذي يأتي به الدين، وطرق اكتساب العلم بالوسائل الإنسانية الحسية أو العقلية أو الخبرية، وهذا من أكبر أخطائهم المنهجية.

ولا غرو أن الوسائل الإنسانية الحسية أو العقلية أو الخبرية لاكتساب المعارف، هي منحة من الله لعباده، حتى يستخدموها في اكتساب العلوم المختلفة، ولذلك كان الإنسان مسؤولا عنها عند الله في مجال اكتساب العلم، والدليل على ذلك قول الله عز وجل في سورة الإسراء ١٧:

{وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} (١) .

* وبهذه المناسبة نتذكر أن النصرانية لما سقطت في طائفة من المفاهيم الباطلة الدخيلة على أصل الدين، والمخالفة له، والمناقضة لأصول العقل والعلم الصحيح، حاولت أن تتخلص من ورطتها هذه بمقولتها المشهورة:

(الدين لا يخضع للعقل) ، وأطلق علماؤهم بين أتباعهم كلمتهم المأثورة:

(أطفئ مصباح عقلك واعتقد وأنت أعمى) . وحرموا التفكير والنظر في مسائل الدين، وفرضوا عليهم التسليم الأعمى بالإله المثلث، دون مناقشة ولا نظر.


(١) كواشف زيوف، عبد الرحمن حبنكة الميداني، ص١٧٤ - ١٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>