للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قنطرة العلمانية من المستغربين المسلمين:

أدان الشيخ علي عبد الرزاق فكر علماء الإسلام القائل بوجوب الخلافة والإمامة وجوبًا دينيًّا.. وزعم (أن الخليفة عندهم يقوم في منصبه مقام الرسول صلى الله عليه وسلم، وينزل من أمته بمنزلة الرسول في المؤمنين.. فولايته كولاية الله تعالى وولاية رسوله الكريم.. بل لقد رفعوه فوق صف البشر، ووضعوه غير بعيد عن مقام العزة الإلهية) .

وهكذا بلغ الأمر ببعض دعاة العلمانية إلى وصف الخلافة بهذه الصفة، فأي تجنٍّ هذا على الإسلام والمسلمين؟!.

والكل يعلم أن أبا بكر رفض أن يسمى بخليفة الله، ثم استقر رأي المسلمين على تسمية الحاكم بأمير المؤمنين.. ذكر هذا الشيخ عبد الرزاق في كتاب (الإسلام وأصول الحكم) الذي ثار حوله جدل كبير، وانكشف في الوقت الحالي الأصل الحقيقي لمؤلف هذا الكتاب، وكل مَن يقرأ كتاب (الإسلام بين التنوير والتزوير) للدكتور محمد عمارة؛ يستطيع أن يقف على جلية الأمر، فيعلم أن الكتاب مبني على آراء المستشرقين وبإشرافهم، بالتعاون مع دعاة التنوير العرب، أمثال: طه حسين وغيره.

ولو عدنا إلى (سلامة موسى) الذي يكشف كل قناع في بداية القرن عن حقيقة العلمانية والتنوير المزعوم، إذ يقول: (النيل هو الذي هداهم إلى الزراعة التي هي أصل الحضارة) ، فالنيل عنده هو الهادي وليس الله.

وينقل عن (إليوت سميث) قوله:

(وكما أن الطبيعة أنعمت على المصري بالنيل يعلمه الزراعة وفن التحنيط نشأ الاعتقاد بالعالم الثاني.. وكان للنيل دخل آخر في الدين، وهو أنه جعل المصري يقدس الماء، ويعتقد أنه أصل كل شيء حي) .

- ويرى أن العقل الإنساني من مخترعات الطبيعة: (فقد اخترعت لنا الطبيعة العقل للتمييز، والحكم بين غرائزنا، ومعرفة النافع والضار في أحوال معاشنا) .

- وعن نمو الجنين يقول: (فللجنين ذاكرة تلهمه بأن ينمو على طريقة بعينها) (١) .

وكل هذه السموم التي نقلها عن ملحدي الغرب، فالدين نشأ في مصر نتيجة للجفاف، ومن التحنيط نشأ الاعتقاد بالعالم الثاني، وقصة فيضان نوح نتجت من فيضان النيل، والعقل اختراع من اختراعات الطبيعة، والجنين ينمو بسبب الذاكرة.


(١) الإسلام بين التنوير والتزوير، د. محمد عمارة، ص١٠٥ - ١٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>