للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى أن يقول: (ومن يقرأ جمهورية أفلاطون ويرى الحرية التي يتكلم بها عن الزواج، أو من يقرأ الأخلاق لأرسطو طاليس ويقف عند قوله: إن الآلهة على قدرتها لا يمكنها أن تبدل نواميس الطبيعة، يأسف لفقدان هذه الروح من الأدب العربي.. والغريب في العرب أنهم عنوا بعلوم الإغريق وطبهم، وهو أسخف ما كتبوا دون أن يعنوا بآدابهم وفنونهم) (١) .

فالآلهة لا يمكنها تبديل نواميس الطبيعة، والأشد غرابة أنه ينكر على العرب أنهم أخذوا من الإغريق علمهم وطبهم، وهو أسخف ما كتبوا في نظره، دون أن يعنوا بآدابهم وفنونهم، فما هي تلك الفنون التي يريدنا أن نأخذها؟ أهي تعدد الآلهة؟ أم الخوض فيما وراء الطبيعة بما لا ندري؟!

وإن صيحات التجديد من أتباع (سلامة موسى) وغيره يتبعونه في قوله: (ليس يُعقل أن يعيش الإنسان آلاف السنين يتعاوره التقدم المادي في جميع ما يلابسه ويزاوله، ثم يبقى الدين جامدًا لا يتطور وفق التطور المادي) (٢) .

يريدون تطوير الدين وفقًا للأسس المادية، فما الأسس المادية التي يريدوننا أن نستخدمها في تطور الدين؟ وأي قانون مادي يستطيع أن يدلنا على الغيبيات؟ أو ما وراء الطبيعة؟ أو الميتافيزيقيا؟ كما يقولون.

وقد طالب (سلامة موسى) أن تكون لجنة عليا لإعادة النظر في التوراة، وتنقيحها وفقًا لمطالب الحياة الجديدة؛ فنستبدل بقصة آدم وحواء تاريخًا عن تكوين الأرض، وعن التنبؤات فصلا يكتبه السياسيون.

وبعد هذا هل يبقى دين؟ (٣) .

ويصل إلى القول: بأنه كافر بالشرق ويقصد به الإسلام.

بل يحمل حملة شعواء لتحويل الثقافة العربية الإسلامية إلى المتاحف فيقول:

(إنه ليس علينا للعرب أي ولاء، وإدمان الدرس لثقافتهم مضيعة للشباب، وبعثرة لقواهم.. فيجب أن نعودهم الكتابة بالأسلوب المصري الحديث لا بالأسلوب العربي القديم.. ويجب أن يعرفوا أننا أرقى من العرب.. وليس معنى هذا تحريم درس العرب وتاريخهم وثقافتهم، فإن العرب أمة قديمة يجب أن يكون لها أثريون يدرسونها كما يدرسون آشور وبابل) (٤) .

فهذا نموذج مثل قنطرة بين المستشرقين وعلمانيي العرب، فتأمل يارعاك الله.


(١) الإسلام بين التنوير والتزوير، ص١٠٧.
(٢) الإسلام بين التنوير والتزوير، ص١٠٩.
(٣) واليوم هناك طبعة جديدة للإنجيل محذوف منها ومضاف إليها، وقد طالب بعض مثقفي الأقباط البابا بإجراء تعديلات في الإنجيل المعتمد لديهم حتى يتوافق مع الأحداث التاريخية فرفض ذلك، ومن الأعجب أن بعض الجمعيات الماسونية مثل (الروتاري واللاينز) طالبوا بإقرار ثقافة السلام في المناهج التعليمية، وهذا يعني حذف جميع الآيات والأحاديث الواردة في اليهود من المقررات المدرسية، فهم يعلمون أن تحريف القرآن صعب، ولكن يحاول العلمانيون تأويل القرآن تأويلا منفلتًا، أو تعطيله بعدم تعليمه للأولاد في المدارس.
(٤) الإسلام بين التنوير والتزوير، د. محمد عمارة، ص١٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>