للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بقاء الأعرابية جلس الخيمة، قصيرة الخباء، مخدرة خبأة مستترة، كما ترسمها المعاجم، جعل الإسطار يرى أن هذه هي الصورة المثالية لكل امرأة في سائر البيئات، وعلى اختلاف العصور وكر الدهور، ومن ثم جاءت قواعده تدفع إلى محاكاة هذا النموذج الأمثل من حثٍّ على الاستكنان في عقر الدار، إلى الكلام من وراء حجاب ... إلخ.

ولو أن اللغة حملت إلينا صورة مغايرة للمرأة، مثل صورتها في المجتمعات الزراعية، فيها الخروج للعمل، وبالتالي الاختلاط مع الرجال، ومشاركتهم في هموم الشغل، وتدبير المعاش، ورعاية حيوانات الزراعة المختلفة والطيور ... وتربية الأولاد؛ لتباينت التعليمات واختلفت الممنوعات والمباحات) (١) .

ثم يقول:

(فعندما طالعنا في القواميس أن المرأة في مجتمعهم جلس، قعيدة، مخدرة، مخبوءة، مستورة، مصونة، أدركنا على الفور العلة في حض الإسطير لها على البقاء على حالها، وهو القرار في أعمق أغوار الدار، وفي منعها من الخلوة بأجنبي وعدم استقباله، وإن كان ولابد فمحادثته من خلف حجاب. في ذلك المجتمع كان عمل الرجال محدودًا للغاية بالقياس إلى أعمالهم في المجتمعات المتحضرة، وعمل المرأة شبه معدوم، ويبشعه لسبب في غاية البساطة؛ أنك عندما لا تجد كلمات أو تراكيب عن عمل المرأة إلا العمالات الساذجة.

وبالتالي فإنه من البديهي لا من الطبيعي فقط، أن يجيء الإسطير وهو عرى منها، لأن فاقد الشيء لا يعطيه، وهو قد خاطب من خاطبهم عبر اللغة التي افتقرت إليها، فكيف يتصور عقلا أن ينص عليها؟) (٢) .


(١) العرب والمرأة، حفرية في الإسطير المخيم، خليل عبد الكريم، ص٢٣٨.
(٢) العرب والمرأة، حفرية في الإسطير المخيم، خليل عبد الكريم، ص٢٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>