للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - ومن النادر وجود دولة ينتسب جميع مواطنيها إلى دين واحد، فإذا كانت الحكومة دينية وقع التمييز بين الموطنين.

٤ - إن الدين له تصورات معينة عن الكون والحياة والإنسان والتاريخ، والدولة الدينية تتبع تلك التصورات، مما يعرقل التقدم العلمي، ويقود إلى فجائع حفل بها التاريخ.

٥ - جاء في تصريحات بعض القادة العلمانيين أن المناداة بدولة دينية تعني إعطاء إسرائيل مسوغًا لقيامها واعتدائها، وهي بالتالي خدمة للصهيونية العالمية.

هذا في حين تتمتع الدولة العلمانية بالخصائص التالية:

١ - الحركية والاستمرار والتطور الاجتماعي.

٢ - مركز حقوقي متساوٍ لجميع المواطنين على اختلاف انتماءاتهم الدينية.

٣ - سيطرة الشعب على الحكم وكونه مصدر السلطات.

٤ - فسح المجال لحركة التقدم العلمي.

العلمانية والإسلام:

لا ريب في أن المسيحية قنعت بنصيب ما منحتها إياه بعض العلمانيات المعتدلة بحيث تقوم بنشاط معين في إطار الدولة العلمانية، في قبال العلمانية الماركسية التي رفضت أي نشاط متصور لها، وهذا ما حدث أخيرًا في إيطاليا مثلًا. ولكن ما هو موقف الإسلام منها؟ وهل تمتلك مسوغاتها في الحقل الإسلامي؟ إننا نرى أن الإسلام لم يدع - منذ البدء - مجالًا لحدوث هذه النتيجة بعد أن قرر:

أولًا: وحدة السلطتين الدينية والسياسية، بل جعل تعيين الإمام (وهو القائد السياسي والديني في آن واحد) إتمامًا للدين، وإكمالًا للنعمة السماوية على الأرض كلها، ولم يسمح بأي انفصال جوهري بينهما، وأي انفصال رئي بعد ذلك فإنما كان يعبر عن تطبيق غير سليم للإسلام.

وإذا رجعنا إلى ملاحظة صفات الإمام أو الحاكم في الإسلام لم يبق مجال مطلقًا لتصور عملية تكريس للذات ومصالحها، بعد فرض علمه الفقهي الواسع، والتزامه الكامل بتطبيق الشريعة الإسلامية المقررة. هذا والتاريخ يشهد على السيرة الممتازة التي سار فيها قادة المسلمين، بغض النظر عن بعض الذين تمادوا وطغوا. وإذا نظرنا إلى نظام (نيابة الفقيه عن الإمام) وولايته، وجدنا أن الفقيه لا يمتلك هذا المقام إلا بعد توفر شروط أهمها (الكفاءة، والعدالة، والفقه العميق) ويفقد أي قدرة بفقدان أي منها، والأمة المشبعة بروح هذه الشروط هي المراقبة لسير هذا الفقيه، كما أن مجلس الفقهاء العدول الأكفاء هو الحارس الأمين على السير الصحيح (١) .


(١) يراجع كتابنا (حول الدستور الإسلامي) ، وقد صدر عن منظمة الإعلام السياسي، معاونية العلاقات الدولية.

<<  <  ج: ص:  >  >>