أما ادعاء أن الرجوع إلى الاعتبارات العقلانية أسهل من الرجوع إلى النصوص فقد قلنا إنه غريب سخيف، وأنَّى لهذه الاعتبارات المبتلاة بضعفها أن توصلنا - عبر التجربة الاجتماعية - إلى المعرفة العلمية المطلوبة وقد أشرنا لهذا من قبل.
والحقيقة أن من يدرك الفرق بين التجربة الطبيعية والتجربة الاجتماعية يلاحظ عجز الإنسان عن الوصول إلى المعرفة الاجتماعية الشاملة الدقيقة (١) .
ح - وحَول مشألة الالتزام الإلهي:
يرى الكاتب أن صفة القدرة الإلهية لا تكفي للإلزام بطاعة أوامر الله، حتى ولو كانت إرادته خيرة دائمًا، إلا أن تقود الإنسان إلى ذلك اعتباراته العقلانية.
ومن هنا فما الذي يقودنا للإلزام؟ يطرح هنا فكرة الحاكمية الإلهية للعالم، وفكرة الخالقية والمنعمية، وفكرة المالكية الإلهية للعالم، ويناقشها بأنها جميعًا تتحرك في إطار الاعتبارات، فالتشكيك إذن ينصب على عنصر الإلزام الإلهي.
والحقيقة أن كل تلك الأفكار تعود إلى فكرة أعلى منها هي فكرة المولوية الإلهية. فالله تعالى هو المولى الحقيقي للإنسان، والإنسان بالتعبير الديني هو العبد المحض لهذا المولى الحقيقي، ويكمن سيره التكاملي في عبوديته التكاملية، ولذا أطلق على الأعمال التي تنظم مظاهر هذه العلاقة اسم (العبادات) .