للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي المنطق المحض، إذا وجد التمثيل السياسي، فإن الهيئة الممثلة، أو المجلس، أو البرلمان، يتمتع بسلطان السيد.

ومبدئيًّا، الذي يمارس السلطة هو في وضع أفضل من الذي يفوضها تفويضًا افتراضيًّا أو يتخلى عنها، ولو إلى حين.

وإن نظامًا قائمًا على المشاركة هو خير وأشد ديمقراطية من نظام قائم على التمثيل.

إن الديمقراطية المباشرة، وإن الشورى للجميع، هي الديمقراطية الحقة، هي الديمقراطية الأصلية، هي الديمقراطية باختصار.

ولكن كيف نفعل، وقد افتقد الناس الهمة والاعتزاز الذي كان يعبر عنه ببيان أمثال بركليس عند الإغريق، أو الإمام علي كرم الله وجهه عند العرب والمسلمين؟

في خطبة شهيرة صور (بركليس) عظمة أثينا ووطنية أبنائها، وبرر حضارتها أمام الناس، فقال:

(إن شكل حكومتنا لا يدخل في مناقشة مع مؤسسات الآخرين) .

(نحن لا نقلد جيراننا وإنما نحن لهم مثال) .

(أنّا نُدعى بحق ديمقراطية، لأن الحكم للكثرة لا للقلة ... ) .

وفي تلك الخطبة، أرسل بركليس ذلك الادعاء العريض المدوي في التاريخ:

(وبكلمة واحدة أقول: إن أثينا مدرسة اليونان) .

أما الإمام علي كرم الله وجهه فقد قال - وهو يَسْتَحِثّ قومه لقتال معاوية، الذي أرادها مُلكًا عضوضًا -: (سيروا إلى قوم يقاتلونكم كيما يكونوا جبارين، يتخذهم الناس أربابًا، ويتخذون عباد الله خولًا! وما لهم دولًا) .

وقد سبق لربعي بن عامر - وهو يحدد طبيعة ما يريده الإسلام من الناس - أن قال: (إن الله ابتعثنا لنُخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده، ومن جور الأديان إلى عدالة الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها) .

<<  <  ج: ص:  >  >>