أما المبحث الثالث الذي كان عن (حكم استخدام النظم المعاصرة في إدارة الوقف واستثماره) فقد تناول تلك النظم، بعد مدخل عن قابلية الوقف لقبول تلك النظم –من حيث المبدأ- في إطار الاجتهاد المقر في الشريعة، والذي كانت أحكام الوقف نفسها –في غالبها- مؤسسة عليه، ثم عدد تلك النظم ودرسها وهي:
١- سندات المقارضة.
٢- الاستصناع.
٣- المشاركة المتناقصة.
٤- الإجارة التمويلية مع البيع بالتقسيط.
ويمكن –في ضوء الدراسة السابقة بكل ما جاء فيها- الاهتداء إلى الموجهات الآتية:
أولاً: إن الوقف لديه القابلية المطلقة للاستثمار بحكم أنه يمثل وعاءً مالياً متسعاً، وأن تلك القابلية تظاهرها وتؤازرها مرونة الفقه الإسلامي، وقدرة مصادرة على استيعاب كل جديد إذا جاء وفق الضوابط المقررة شرعاً.
ولاشك أن ذلك يكفل وباستمرار التجديد في وسائل الاستثمار التي يفرضها العرف الصحيح، كما أنه يضمن للوقف أداء دوره المرتقب في زمن تزايدت حاجاته بقدر ما تزايدت واتسعت وسائله.
ثانياً: أن ما حدث في تاريخ الوقف الإسلامي من عثرات تمثلت في الاستيلاء عليه أحيانا من السلطان، أو في الضعف المريع في استثماره أحياناً، أو في إهماله وعدم الأمانة في صرف عوائده من قبل متوليه، أو التحايل عليه باستخدام أحكامه نفسها كالبدل والاستبدال للاستيلاء عليه أحيانا أخرى (١) .
كل ذلك لا يعدو أن يكون إفرازاً من إفرازات الضعف والتقهقر الذي أصيب به المسلمون في القرن السابع الهجري وما تبعه من قرون، على أن ذلك الضعف لم يقف تأثيره على الوقف وحده، وإنما انسحب على كل جوانب حياة المسلمين حتى الجوانب العلمية المجردة كما هو معلوم.
(١) راجع طمع الولاة في الأوقاف في كتاب (محاضرات في الوقف) للشيخ محمد أبو زهرة، ص ١٣، وما بعدها. ومن الجدير بالتنبيه إليه أن العلماء كان لهم دور كبير في الوقوف في وجه تلك المحاولات، ولكنهم كثيراً ما غُلبوا على أمرهم..