للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومذهب الحنابلة عدم جواز التوقيت وعدم الخيار والتعليق إلا إن كان بموته فيجوز لأن من شرطه عندهم أن يكون منجزاً، قال في (منتهى الإرادات) : "الرابع: أن يقف ناجزاً فلا يصح تعليقه إلا بموته ويلزم من حينه، ويكون من ثلثه، وشرط بيعه أو هبته متى شاء وخيار فيه أو توقيته أو تحويله مبطل" (١) وقال في (المغنى) : "وإن شرط أن يبيعه متى شاء أو يهبه أو يرجع فيه لم يصح الشرط ولا الوقف لا نعلم فيه خلافاً لأنه ينافي مقتضى الوقف، ويحتمل أن يفسد الشرط ويصح الوقف بناء على الشروط الفاسدة في البيع، وإن شرط الخيار في الوقف فسد، ونص عليه أحمد وبه قال الشافعي.

وقال أبو يوسف في رواية عنه: يصح لأن الوقف تمليك المنافع فجاز شرط الخيار فيه كالإجارة، ولنا أنه شرط ينافي مقتضى العقد، فلم يصح كما لو شرط أنه له بيعه متى شاء، ولأنه إزالة ملك لله تعالى فلم يصح اشتراط الخيار فيه كالعتق، ولأنه ليس بعقد معاوضة فلم يصح اشتراط الخيار فيه كالهبة، ويفارق الإجارة لأنها عقد معاوضة وهي نوع من البيع، ولأن الخيار إذا دخل في العقد منع ثبوت حكمه قبل انقضاء الخيار أو التصرف، وهاهنا لو ثبت الخيار لثبت مع ثبوت حكم الوقف ولم يمنع التصرف فافترقا"قال: "وإن شرط في الوقف أن يخرج من شاء من أهل الوقف ويدخل من شاء من غيرهم لم يصح لأنه شرط ينافي مقتضى الوقف فأفسده ... " (٢) وهو مذهب الإمام الشوكاني (٣) .

ومذهب الحنفية عدم جواز التوقيت في الوقف لأنه إنما يكون على التأبيد، وهو عندهم جائز، ولا خلاف عندهم في وجوب التصدق بالفرع مادام الواقف حياً، ويكون بمثابة النذر، ولا خلاف عندهم كذلك في جواز ملك الرقبة إذا اتصل بذلك قضاء القاضي أو إضافة إلى ما بعد الموت (٤) ، وعليه لا يلزم الوقف بغير الشرطين: حكم القاضي أو تعليقه بالموت، فيخرج من ثلث التركة، والتأبيد مذهب محمد، خلاف أبي يوسف الذي لم يشترطه (٥) ، على مذهبه في التوسع في الوقف (٦) .


(١) شرح منتهى الإرادات: ٢/٤٩٦ – ٤٩٧.
(٢) المغنى لابن قدامة: ٦/٢١٧ - ٢١٨.
(٣) السيل الجرار: ٣٢٢- ٣٢٣.
(٤) كتاب بدائع الصنائع: ٦/٢١٨ – ٢١٩؛ ورد المحتار: ٣/٣٦٥ – ٣٦٦.
(٥) المبسوط: ١٢/٤٧.
(٦) المرجع السابق: ١٢/٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>