النقود وسيلة التبادل الاقتصادي، وقد استعملها الإنسان عوض مقايضة السلع التي كانت تعوق تبادل المنتجات على نطاق واسع، وكانت المبادلة المباشرة للمنتجات تواجه صعوبة تقدير الأثمان، ولذلك كان اختراع النقد علاجاً لهذه المشاكل، وأصبحت النقود تمثل معيار القيمة والأداة العامة للتبادل، واقتصاد الأسواق ينمو دائماً بمقدار تبادل الأموال، وعند احتكار السلع وكنز المال تركد التجارة ويضعف الانتفاع بالمنتجات، ولذلك حض الإسلام على الإنفاق وحرم كنز النقدين الذهب والفضة ومثلهما النقود الورقية التي هي أداة التبادل في عصرنا، والإسلام حض على مختلف ضروب الإحسان ومنها السلف أو القرض بدون فائدة.
وقد تناول الفقه الإسلامي قضية وقف المال في ضوء حقيقة الوقف الذي يفترض بقاء الرقبة والاستفادة من الريع أو الثمرة، ووقف النقود ليس فيه بقاء الرقبة، وإنما يبقى عوضها أو بدلها وهي إشكالية حملت بعض الفقهاء على إنكار أصل هذا التحبيس وقول البعض بكراهته، وسنرى ما يكون عليه الموقف عند الوقوع والنزول حسبما يأتي:
والمسألة يدرجها الفقهاء في تحبيس المثليات مثل تحبيس الطعام، وقد صرح بعض فقهاء المالكية بالكراهة، وذلك لا يقتضي المنع، لهذا جرى العمل بوقف الدراهم والدنانير في بعض البلاد الإسلامية المالكية كفاس، يقول الحطاب عند قول خليل:(وفي وقف كطعام تردد) : "أتى بالكاف لتدخل المثليات، ويشير بالتردد لما ذكره في الجواهر من منع وقف الطعام إن حمل كلامه على ظاهره، وما ذكره في البيان أن وقف الدنانير والدراهم وما يعرف بعينه إذا غيب عليه مكروه.
(تنبيه) : قال في الشرح الكبير في هذا التردد نظر لأنه إن فرضت المسألة فيما إذا قصد بوقف الطعام ونحوه بقاء عينه، فليس إلا المنع لأنه تحجير من غير منفعة تعود على أحد.