للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذلك مما يؤدي إلى إفساد الطعام المؤدي إلى إضاعة المال، وإن كان على معنى أنه أوقف للسلف إن احتاج إليه محتاج ثم يرد عوضه، فقد علمت أن مذهب المدونة وغيرها الجواز، والقول بالكراهية ضعيف". قال: "وقال في الشامل جواز وقف الدنانير والدراهم، وحمل عليه الطعام، وقيل يكره" (١) .

ونص كلام ابن رشد: "الدنانير والدراهم وما لا يعرف بعينه إذا غيب عليه، فالتحبيس مكروه، فإن وقع كان لآخر العقب ملكاً إن كان معقباً، وإن لم يكن معقباً، وكان لمعينين رجع إليه بعد انقراض المحبس عليهم" (٢) ، وقال: "الدنانير والدراهم ترجع بانقراض المحبس عليه إلى المحبس ملكاً، لأن الدنانير والدراهم يضمنها المحبس عليه ويكره تحبيسها، فلا ترجع بمرجع الأحباس " (٣) ، فكلام ابن رشد يفيد كراهة ما يغاب عليه ولا يعرف بعينه للغرر في الذهب والفضة، لكن مذهب المدونة وهو مذهب أكثر فقهاء المالكية الجواز، وقد صرح بذلك ابن عاصم إذ قال:

الحبس في الأصول جائز وفي منوع العين بقصد السلف

قال شارحه ميارة: يريد جواز تحبيس منوع العين، وهو "من إضافة الصفة للموصوف، يريد العين المنوع إلى ذهب وفضة لقصد السلف بحيث توضع تحت يد أمين بإشهاد على أن يسلفها لمن احتاج إليها ممن هو مليء الذمة، إما برهن أو حميل، وهو الأولى، أو بلا شيء حسبما يرى ذلك من جعلت تحت يده، وقد ذكر لنا أنه كان بقيسارية فاس دراهم نحو ألف أوقية محبسة بقصد السلف، فكان من يتسلفها يرد بعضها نحاساً ويمتنع من تبديله، فما زال الأمر كذلك حتى اندرست" (٤) .


(١) مواهب الجليل: ٦/٢١-٢٢.
(٢) البيان والتحصيل: ١٢/١٨٩.
(٣) المصدر السابق: ١٢/١٨٨.
(٤) شرح ميارة على التحفة: ٢/١٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>