للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التجارة والإيجار:

التجارة نشاط يهدف إلى الربح ويلبي الحاجة إلى تبادل السلع والتوسع الاقتصادي وهي مظهر حضاري للمجتمع البشري الذي اعتمد هذه الوسيلة من أجل رقي الأمم وتقدمها وتطوير علاقتها في مختلف العصور، وهي عمل مباح من الناحية الشرعية، وواجب إذا اقتضته الضرورة، باستثناء التجارة في المواد المحرمة التي لا يجوز شرعاً تداولها.

والإسلام يجيز التعاقد في هذا المجال لإقامة شركات بقصد الربح المشروع، كشركات المضاربة والعنان والمرابحة، فالمضاربة هي شركة تقوم على أساس التأليف بين المال وبين العمل من شأنه تحقيق مصلحة الملاك والعمال على حد سواء، وقد كان هذا العقد معروفاً قبل الإسلام إذ كان أصحاب الأموال يلتمسون من يتاجر لهم بأموالهم من كل من اشتهر بالصدق والأمانة والحزم، وقد أجازها الرسول عليه الصلاة والسلام وأجاز شروطها، وهي الشروط المذكورة في حديث ابن عباس رضي الله عنهما:

أن العباس بن عبد المطلب كان إذا دفع ماله مضاربة اشترط على صاحبه أن لا يسلك به بحراً ولا ينزل به وادياً، ولا يشتري به دابة ذات كبد رطبة فإن فعل ذلك ضمن، فبلغ شرطه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجازه، رواه البيهقي.

وهي كما عرفها المالكية: إجارة على التجر بمال بجزء من ربحه (١) قال في التوضيح ولا خلاف بين المسلمين في جوازه، وهو مستثنى من الإجارة المجهولة ومن سلف جر منفعة، وله اسمان القراض والمضاربة (٢) .

وعرفه الحنابلة بأنه: دفع مال إلى آخر يتجر به والربح بينهما (٣) .

وهي عند الحنفية: عقد شركة في الربح بمال من جانب رب المال وعمل من جانب المضارب (٤) .

وهي عند الشافعية أن يدفع إليه مالاً ليتجر فيه والربح مشترك (٥) .

ويتراوح هذا العقد عند الفقهاء بين باب الشركات وباب الإجارات.


(١) شرح ميارة على التحفة: ٢/١٣٢.
(٢) المصدر السابق: ٢/١٣٧.
(٣) الإنصاف: ٥/٤٢٧.
(٤) حاشية ابن عابدين: ٥/٦٤٥.
(٥) مغنى المحتاج: ٢/٣٠٩ – ٣١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>