للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والاستمرار كمكتري الأرض للغرس أو البناء لا يحق لمالك الأرض إخراجه، ولكن له كراء المثل على الدوام والاستمرار، فيصير المشتري كمالك الأصل، وليس لمالك الأصل غير كراء المثل، ويصح في هذا الحق المحدث البيع والهبة والإرث وغيرها من التصرفات، فكأن الجلسة أو الجزاء بلغة العصر كناية عن شراء أصل تجاري مع التزام بكراء للمحل.

وقد اختلف الفقهاء في جوازها، فمنهم من حرمها ومنهم من لم يقطع برأي فيها، ومنهم من أجازها مطلقاً فميارة (١) أجاب لما سئل عنها بأنه لم يقف على نص فيها، وأنها محض اصطلاح للمتأخرين، واشتملت على أمور مخالفة للشريعة، وبمثل ذلك أجاب عبد الواحد بن عاشر (٢) ، وذكر الجلالي (٣) أنها مما أحدثه أهل الغصوبات، وهو قول أبي عبد الله المسناوي (٤) ، وابن القاضي وعبد القادر الفاسي (٥) لكن أبا عبد الله التماق تلميذ المسناوي ذهب إلى جوازها، موضحاً أنه ليس في ذلك ما يقتضي التحريم، وأن الأمر "إذا اتخذه عرفاً أهل المروءات والجمهور من الناس لا ينبغي أن يكون حراماً "مستدلاً على ذلك بقول ابن لب: "ما جرى به عمل الناس وتقادم في عرفهم وعاداتهم ينبغي أن يلتمس له مخرج شرعي ما أمكن على خلاف أو وفاق، إذ لا يلزم ارتباط العمل بمذهب معين أو بمشهور من قول قائل" (٦)

وكلمات الجلسة والمفتاح والزينة كلها بمعنى واحد، ويقابلها كلمة الخلو المستعملة بالمشرق.

وقد أفتى الشيخ أبو العباس الرهوني التطواني بصحة هذا العقد وقال: "مسألة المفتاح قد استمرت كما نرى بالمغرب والمشرق من المائة التاسعة إلى الآن، وإبطالها الآن ونسخها إضاعة لأموال عظيمة لا تسيغها الشريعة المطهرة، مع أنه لا ضرر على الأحباس فيها مادام الناظر بيده تقويم الكراء كلما تغيرت الأسعار من انخفاض وارتفاع وهو حكم عام في الجلسة وغيرها" (٧) .

ومعنى الجزاء في الأرض كراؤها على التبقية للبناء أو الغرس أو الزراعة ويجري في أرض الأحباس وإن لم ينص عليه، ولصاحب الجزاء البيع والهبة ويورث عنه، ويقومه أرباب البصر بعد المدة المتعاقد عليها، وما يكون به التقويم سنوياً أو شهرياً لازم للناظر وصاحب الجزاء.


(١) إزالة الدلسة، مخطوط.
(٢) المصدر السابق نفسه.
(٣) المصدر السابق نفسه.
(٤) المصدر السابق نفسه.
(٥) المصدر السابق نفسه؛ وشرح العمل: ١/٤٤.
(٦) إزالة الدلسة.
(٧) مختصر منة الكريم الفتاح للرهوني التطواني، مخطوط المكتبة العامة بتطوان بدون رقم.

<<  <  ج: ص:  >  >>