للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومعلوم أن القرض والقراض يذهب عينه ويقوم بدله مقامه وجعل المبدل به قائماً مقامه لمصلحة الواقف.

وهذه المسألة فيها نزاع في مذهبه فكثير من أصحابه (أحمد) منعوا وقف الدراهم والدنانير كما ذكره الخرقي ومن اتبعه، ولم يذكروا عن أحمد نصاً بذلك ولم ينقله القاضي وغيره إلا عن الخرقي، وأطال ابن تيمية النفس في الرد على من منع من أهل مذهب الإمام أحمد رحمه الله تعالى (١) .

وقصر الملكية وقف العين على القرض، ولكن ذلك من حيث المعنى لا يمنع تعميمه على غير القرض من الاستثمار، كما قاسوا على العين وقف الطعام للبذور ووقف النبات دون الأرض ليفرق على المساكين.

وذكر خليل ويغره مسألة العين الموقوفة في باب الزكاة، ومن الموافقة إنها في مسائل الإمام أحمد ذكرت في باب الزكاة، إلا أن أصحاب أحمد تأولوا ذلك. قال خليل في مختصره: "وزكيت عين وقفت للسلف كنبات ليزرع ويفرق ما يخرج منه للفقراء ولمسجد" (٢) .

وفي المذهب الحنفي كان العلامة أبو السعود الذي عاش في القرن العاشر الهجري من أشد المدافعين عن جواز وقف النقود والمنقولات التي تزول وتحول في رسالته في جواز وقف النقود، حيث نقل ذلك عن زفر بن الهذيل صاحب أبي حنيفة وخرجه على قول محمد بن الحسن في المنقول إذا تعارف الناس على وقفه وقاسها على مسائل أفتى فيها مشايخ الحنفية بجواز وقف المنقول في موضع التعارف ناقلاً عن (الخانية) و (البزازية) و (المحيط) و (الذخيرة) وغيرها من كتب الأحناف، وهي رسالة مفيدة حققها أبو الأشبال صغير أحمد (٣) .

وذكر ابن عابدين عن فتاوي الشلبي أن وقف الدراهم لم يرو إلا عن زفر وذلك في كتابه (العقود الدرية في تنقيح الفتاوي الحامدية) (٤) .


(١) الفتاوى: ٣١/٢٣٤ وما بعدها.
(٢) نص خليل بشرح الزرقاني: ٢/١٦٧.
(٣) طبعة دار ابن حزم، بيروت، ١٤١٧هـ.
(٤) ١/١٠٩، دار المعرفة، بيروت.

<<  <  ج: ص:  >  >>