للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاستبدال في المذهب الشافعي:

أما الشافعية فإنهم كالمالكية في أصل مذهبهم في منع الاستبدال كما قال ابن قدامة (وقال مالك والشافعي: لا يجوز بيع شيء من ذلك) (١) .

وقد قال الشافعية في العقار: إن كان مسجداً لا يباع ولو خرب وإن كان داراً للسكنى فالراجح منع بيعها سواء وقفت على المسجد أم على غيره، قال السبكي وغيره: إن منع بيعها هو الحق لأن جوازه يؤدي إلى موافقة القائلين بالاستبدال (٢) .

ومرد موقف الشافعية إلى الأسباب التي ذكرناها في توجيه مذهب المالكية.

الاستبدال في مذهب أحمد:

قال الخرقي: وإذا خرب الوقف ولم يرد شيئاً، بيع واشترى به ما يرد على أهل الوقف وجعل وقفاً كالأول".

مثل له ابن قدامة بدار انهدمت وأرض عادت مواتاً ولم تمكن عمارتها أو مسجد انتقل أهل القرية عنه وصار في موضع لا يصلى فيه" (٣) .

واستدل الحنابلة بما روي أن عمر رضي الله عنه كتب إلى سعد لما بلغه أنه نقب بيت المال الذي بالكوفة أن انقل المسجد الذي بالتمارين واجعل بيت المال في قبلة المسجد (٤) .

قال ابن قدامة: "وظاهر كلام الخرقي أن الوقف إذا بيع فأي شيء اشتري بثمنه مما يرد على أهل الوقف جاز، سواء كان من جنسه أو من غير جنسه، لأن المقصود المنفعة لا الجنس، لكن تكون تلك المنفعة مصروفة إلى المصلحة التي كانت الأولى تصرف إليها" (٥) .

وفي رواية بكر بن محمد عن أبيه في مسجد ليس بحصين من الكلاب وله منارة فرخص أحمد في نقضها وبناء حائط المسجد بها للمصلحة.

أما الاستبدال والمناقلة للمصلحة فقد نقل عن صالح جواز نقل المسجد لمصلحة الناس، وصنف صاحب الفائق مصنفاً في جواز المناقلة سماه (المناقلة في الأوقاف وما في ذلك من النزاع والخلاف) ، ووافقه على جوازه الشيخ برهان الدين ابن القيم والشيخ بحر الدين حمزة (٦) .

وقد نبه المرداوي على أن هؤلاء تبع للعلامة تقي الدين ابن تيمية وهذا نص ابن تيمية في فتاواه عن الإبدال للمصلحة الراجحة حيث قال: وأما ما وقف للغلة إذا أبدل بخير منه مثل أن يقف داراً أو حانوتاً أو بستاناً أو قرية يكون مغلها قليلاً فيبدلها بما هو أنفع للوقف فقد أجاز ذلك أبو ثور وغيره من العلماء، مثل أبي عبيد ابن حرموية قاضي مصر وحكم بذلك، وهو قياس قول أحمد في تبديل المسجد من عرصة إلى عرصة للمصلحة.

وبعد أن ذكر منع الإبدال عن الشافعي وغيره قال: لكن النصوص والآثار والقياس تقتضي جواز الإبدال للمصلحة والله سبحانه وتعالى أعلم. وهو كلام واضح وصريح في اعتبار المصلحة في الإبدال والمناقلة.


(١) المغني: ٨/٢٢١.
(٢) الرملي، نهاية المحتاج إلى شرح المهاج: ٥/٣٩٥.
(٣) المغني: ٨/١٢٠، طبعة هجر.
(٤) المرجع السابق: ٨/٢٢٠.
(٥) المرجع السابق ٨/٢٢٢.
(٦) يراجع الإنصاف للمرداوي: ٧/٩٤ – ٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>