للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي نوازل ابن سهل "ما هو لله لا بأس أن ينتفع به فيما هو لله" ويقول ابن لب: فقد كان فقهاء قرطبة وقضاتها يبيحون صرف فوائد الأحباس بعضها في بعض (١) وخفف ابن السليم في تصريف الأحباس بعضها في بعض وهو قول ابن حبيب في كتاب الحبس من الواضحة. وفي ذلك اختلاف، وكلام ابن السليم هو قوله: "وما كان لله لا بأس أن يستعان ببعضه في بعض وبنقل بعضه إلى بعض" (٢) ومن ذلك جواب ابن القطان في غابة زيتون موقوفة على مسجد قشتال أن تصرف على بناء سور الموضع "ومنفعة السور للمسجد صاحب الزيت أعود نفعاً من صرفه في غير ذلك فلتطب النية في صرف ذلك فيما هو أهم وأعود نفعاً، وإن كان النص أن يصرف في مسجد آخر" (٣) .

وفي المعيار جواز اشتراء دار للإمام الذي كان يسكن في دار مستأجرة من وفر الوقف (٤) ، وبما ذكر جرى العمل قال صاحب (العمل المطلق) :

ونقلوا غلة حبس ما خرب من المساجد إلى غير الحرب

ومن هذا القبيل ما اختاره سيدي عبد الله العبدوسي من أن يكون صرف غلة الأحباس بعضها على بعض على وجه المسالفة بشرط أن يكون المسلف منه غنياً لا يحتاج إلى ما أسلف منه لا حالاً ولا استقبالاً أو يحتاج في المستقبل بعد رد السلف" (٥) .

وقد أجاز البرزلي صرف الأحباس بعضها في بعض وقال: إنه به العمل ممثلاً، (بصرف أحباس جامع الزيتونة لجامع الموحدين وأخذ حصره السنة بعد السنة وزيته كذلك) . وقد أفتى الشيخ أبو عثمان سعيد الحقباني أن استنفاد الوفر في سبيل الخير غير ما سمى المحبس، أرجح وأظهر في النظر وهو أنفع وأنمى لأجره.

وقد ذكر ذلك الفلالي في شرحه لنظمه (العمل المطلق) قبل وبعد قوله في النظم:

وقد أجيز صرف فائد الحبس في غير مصرف له في الأندلس

ومقابل ما نقلناه عن المازوني والمعيار ما ذهب إليه أكثر العلماء وهو معروف من إبقاء الغلة مرصودة لمصالح الوقف المعين "لأن ألفاظ الواقف كألفاظ الشارع في وجوب الاتباع"كما هي عبارة الزرقاني وعلق عليه البناني: إن هذا هو مذهب القرويين وهو أظهر من قول الأندلسيين أن النظر إلى القصد" (٦) .


(١) المرجع السابق: ص ١١٢.
(٢) المرجع السابق:ص٢١٩-٢٢٠
(٣) المعيار ٧/١٣٢.
(٤) المرجع السابق: ٧/١٤٠.
(٥) المرجع السابق: ٧/٤٥.
(٦) الزرقاني والبناني على حاشيته: ٧/٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>