للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن عرفة: "والنظر في الحبس لمن جعله له محبسه، المتيطي: يجعله لمن يثق في دينه فإن غفل المحبس عن ذلك كان النظر فيه للحاكم يقدم له من يرتضيه ويجعل للقائم به من كرائه ما يراه سداداً على حسب اجتهاده، ثم نصوا على أن الناظر على الحبس إذا كان سيئ النظر غير مأمون بأن القاضي يعزله".

ولو غاب الناظر غيبة بعيدة، كما وقع في وقف بمكة في القرن الثامن الهجري به مدرس وطلبة، وغاب الناظر بالقاهرة فولى القاضي على الدرس شخصاً بعد موت من كان يتولاه، فهل تصرف القاضي صحيح؟ فأجاب علي بن الجلال المالكي وأفتى السراج البلقيني الشافعي بصحة تصرفه، وكل من الشيخ محمد بن أحمد السعودي الحنفي والشيخ عبد المنعم البغدادي الحنبلي بمثل ما تقدم" (١) .

فتحصل من ذلك اتفاق فقهاء المذاهب الأربعة على أن القاضي يقوم مقام الناظر " وقال ابن عرفة عن أبي فتوح: للقاضي تقديم من ينظر في أحباس المسلمين" (٢) .

"ولكنه لا يجوز للقاضي ولا للناظر التصرف إلا على وجه النظر ولا يجوز على غير ذلك، ولا يجوز للقاضي أن يجعل بيد الناظر التصرف كيف شاء" (٣) .

وأشاروا أيضاً إلى الموقوف عليهم المالكين لأمر أنفسهم "فإن كان المحبس عليهم كباراً أهل رضا تولوا حبسهم بأنفسهم وإلا قدم السلطان بنظره" (٤) .

وفي هذه الأزمنة جرت أعراف وأنظمة مختلفة في كثير من الأقطار الإسلامية تتعلق بالأوقاف، ومن أهم هذه الأنظمة: إنشاء وزارات الأوقاف التي أصبحت الجهة التي تمثل الإمام في رعاية شؤون الأوقاف العامة أو الأوقاف المجهولة المصرف تتمتع بصلاحيات واسعة إلى جانب القضاء في تقديم النظار وعزلهم إلا أنها لا يمكن أن تحكم في الخصومات التي تنشأ في الأوقاف سواء فيما يتعلق بإثبات وقفيتها أم في تعيين المصرف.


(١) يراجع الحطاب، مواهب الجليل: ٦/٣٨-٣٩.
(٢) الحطاب: ٦/٤٠.
(٣) الحطاب: ٦/٤٠.
(٤) مواهب الجليل: ٦/٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>