ولهذا فإن التعاون بين وزارة الأوقاف والقضاء والجهات الخيرية الواقفة والجهات المنتفعة يمكن أن تعد برامج الاستثمار المراعية للناحيتين الشرعية والمصلحية يحافظ على الموازنة الدقيقة بين انفتاح الوقف لمقتضيات (المصالح الراجحة) المحققة أو المظنونة، وبين الإبقاء على الوقفية التي تتمثل في بقاء العين أو ما يقوم مقامها في المحافظة على طبيعة الانتفاع للمستفيد من الوقف، بحيث لا تكون مراعاة المصلحة بالإبطال على أصل الديمومة والجريان المستمر اللذين يمثلان أساس الحكمة التي تميز الوقف عن غيره من الصدقات والهبات.
هذه المعادلة بين ديمومة الوقف وتحقيق أفضل ريع وعائد وفائدة للوقف يجب أن توضع نصب أعين الأطراف المسؤولة عن شؤون الأوقاف، وكل الآراء الاجتهادية للمذاهب الفقهية تدور حول هذين المحورين، فبعضها أغرق في التمسك بديمومة عين الوقف إلى حد الاحتفاظ بالذات بلا نفع وكأن الوقف تعبدي محض سداً لذريعة اعتداء شطار النظار وعدوان حكام الجور، وقد سجل التاريخ الكثير من ذلك.
بينما نحت اجتهادات أخرى إلى تحرير الوقف تذرعاً بالمصلحة التي من أجلها أنشئت الأوقاف بحثاً عن الاستثمار الأمثل، مع ما يسببه ذلك من تعريض الوقف للتغيير والتبديل من جراء نهم النظار الذين خربت ذممهم وخفت أمانتهم.
وانطلاقاً مما تقدم ينبغي صياغة سياسة للمحافظة على الأوقاف ولاسيما في ديار الغرب حيث يتعين تسجيل المساجد والأوقاف الأخرى باسم هيئات موثوق بها وإيجاد صيغة لاعتراف السلطان في هذه الديار.