للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويلاحظ هنا أن الفقهاء يستعملون كلمة الاستبدال وحدها مطلقاً فيكون هذا معناها، وقد يستعملونها مع استعمال لفظة الإبدال إلى جوارها فيكون الإبدال لمرحلة البيع بالثمن، والاستبدال لمرحلة الشراء بهذا الثمن.. وينص العلماء على تلازم هاتين المرحلتين، فلا يصح فصلهما إلا بالقدر الذي يستوجبه إنجاز هذا الأمر بما يحقق مصلحة الوقف ووفق رأي الخبراء العارفين.

وقد اختلفت المذاهب في جواز الاستبدال.. ومحور هذا الاختلاف قائم على أمرين:

الأمر الأول: هل تأبيد الوقف متعلق بالعين الموقوفة بذاتها أم يمكن أن يكون بغيرها إذا لم تعد صالحة لذلك، وقامت العين الجديدة بمهمتها؟

والأمر الثاني: هل هناك مجال لأن يؤدي هذا الاستبدال إلى ضياع الوقف فيجب إغلاق بابه سداً للذريعة أم أنه طريق إلى تجديد الفائدة منه عندما تتعرض الأراضي والعقارات الوقفية للخراب أو التلف أو القصور في تحقيق أهدافها؟

أ-فقد ذهب الشافعية والظاهرية إلى عدم جواز استبدال الوقف سواء أكان عقاراً أم منقولاً وسواء أكان في ذلك مصلحة للوقف أم لم يكن، وسواء أكان الواقف قد اشترط ذلك أم لم يشترطه، كما أنه لا يجوز ذلك للقاضي، ولا للحاكم (١) ، وحجتهم أن الحديث النبوي الشريف الذي ورد في مشروعية الوقف كان واضحاً أنه لا يباع ولا يوهب ولا يورث، بالإضافة إلى مخالفة الاستبدال من حيث المعقول للتأبيد الذي يقوم عليه الوقف.

ب-وذهب المالكية في الراجح إلى عدم جواز الاستبدال في العقار الموقوف إلا إذا كان ذلك من أجل مصلحة عامة مثل توسيع مسجد أو طريق عام (٢) .


(١) انظر نهاية المحتاج للرملي: ٥/٣٩٤؛ المحلى لابن حزم: ٩/١٨٣.
(٢) الشرح الكبير للشيخ الدردير: ٤/٩٠؛ شرح منح الجليل للشيخ عليش: ٤/٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>