للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ محمد المختار السلامي:

بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وأصحابه.

شكراً سيدي الرئيس لتمكيني من الكلمة في هذا الموضوع الهام الذي هو ثروة لكل قطر من أقطار العالم الإسلامي، وثروة إسلامية أيضاً كان لها دورها الحضاري في مختلف أوجه الحياة الإسلامية، فدخلت الأحباس في المعرفة، في التعليم، وفي الأمن، وفي الدفاع، وتوسعت قاعدتها مع مرور الزمن من العهد النبوي، حسب ما نقرؤه في السجلات القديمة أيام كانت الحضارة الإسلامية متألقة، ثم لما انتكست الحضارة تبعها أمر الأوقاف، وصدرت في هذه الفترة من الضعف فتاوى عمرت بها كثير من الكتب التي ألفت بعد القرن التاسع وأصبحنا نتخذ تلك الفترة كطريق من طرق الاستثمار مع أنها كانت تتناسب مع الوقت الذي تمت الفتوى فيه، وأنها حتى بالصيغ التي عبر بها عنها تدل على الضعف اللغوي للأمة الإسلامية في ذلك العصر، فنعلم أن الناصر اللقاني –رحمة الله عليه- أفتى بالخلو في أحباس السلطان الغوري وجاءت الفتوى بالكردار وجاءت الفتوى بالحكر، والذي أريد لفت النظر إليه في هذا المجمع هو أن يعاد النظر في هذه الفتاوى فإنها فتاوى الانهزام الحضاري وليست فتاوى التألق الفقهي بمعنى أنها كانت فتاوى للترميم لحالات لا يصح –بحال من الأحوال- أن نجعلها مستمرة خاصة في هذه اليقظة الإسلامية التي كانت من مظاهرها هذا المجمع الموقر الذي ينظر في قضايا العصر حسب المستجدات، وهنا ثلاث نواحي أريد أن أتكلم فيها:

الناحية الأولى: إعادة النظر في الفتاوى السابقة والتي ذهب ريع كثير من الأوقاف بسببها والتي لا أتهم فيها العلماء ولكنهم ما صنعوا أحسن ما يوجد في عصرهم.

الناحية الثانية: كيف نوسع دائرة الأوقاف؟ فدائرة الأوقاف قد تقلصت وأصبح الإقبال عليها أضعف بكثير مما كان عليه، ولاشك عندما تقوم الأوقاف بمهامها وعندما تقوم الأوقاف ويقوم القائمون عليها باستثمارها استثماراً يتناسب مع العصر ويكون مثالاً يكون ذلك داعية للمسلمين للإقدام على الوقف، فلا بد من النظر في هذا الأمر، حتى نعلم كيف نستطيع أن نوسع قاعدة الأوقاف ودعوة الناس إلى الاستمرار على ذلك التراث الذي كان لآبائهم وأجدادهم.

الناحية الثالثة: الاستثمار، وإذا ابتدأت كلمتي بأن الأوقاف ثروة فإن الثروات الأخرى لها أصحابها الذين يدافعون عنها، وفي هذا المجلس الموقر بذلنا مجهوداً كبيراً لمساعدة أصحاب الأموال على استثمار أموالهم بطرق شرعية وبطرق جديدة غير الطرق المعلومة والمعروفة من قبل، فهنا بالنسبة للأوقاف أيضاً لابد من نظرة شمولية كاملة، والشكر للمجمع لاختيار هذا الموضوع ولفت النظر إليه، وأقترح في هذا الباب أن يتصل المجمع باعتباره عضواً متميزاً في المؤتمر الإسلامي بجميع المؤسسات الوقفية في العالم الإسلامي وأن يحصر الطرق التي اتخذتها كل دولة بمفردها لتنمية أموال الوقف، ثم تتكون ندوة لذلك تنظر في كل هذه النواحي وتعطي للعالم الإسلامي صوراً جديدة من تنمية الأوقاف لما لها من امتياز واختصاص، هذه النواحي الثلاث التي أردت أن أتكلم فيها، وشكراً لكم.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

<<  <  ج: ص:  >  >>