وهي أن يقترن عقد الإجارة بهبة المعدات هبة معلقة على دفع آخر قسط من أقساط الإيجار، هذه الصورة هي صورة جائزة ولازمة للواهب (المؤجر) ، وقبض المستأجر للمعدات وبقاؤها تحت يده كاف في القبض الموجب لتنفيذ الهبة في أمدها المحدد في العقد، ويقدم المستأجر على الغرماء، ولا حق للورثة في الرجوع في الهبة لو مات الواهب قبل الأجل المحدد، ذلك أن حوز المستأجر هو حوز تام معتبر، إنه لا يكون حوز المستأجر غير مجزئ إلا إذا كانت الهبة لغير المستأجر، ولم تصرف الإجارة للموهوب له.
الصورة الثانية:
أن يعد المؤجر المستأجر في صلب العقد بهبة المعدات عند سداد آخر قسط، والفرق بين هذه وما قبلها أن هذه الصورة هي التزام بالهبة عند الأجل المحدد، وما قبلها إيجاب للهبة من الآن، والذي يدل عليه كلام الحطاب في النوع الخامس من الالتزام المعلق الذي فيه منفعة للملتزم: أن هذا الوعد ملزم، وعلى المؤجر أن ينفذ وعده عند سداد آخر قسط (١) .
بقي أني لم أظفر بنص صريح فيما لو مات المؤجر قبل بلوغ الأجل، فهل يكون هذا الوعد وعداً نافذاً، وعلى الورثة إذا سدد المستأجر آخر قسط تنفيذ الهبة، أو يكون لهم حق الاختيار في التنفيذ أو الامتناع؟ والراجح حسب قواعد النظر أن الورثة ملزمون أيضاً بتنفيذ الوعد باعتبار أنهم وارثون للمورث فيما له وفيما عليه من حقوق تسعها التركة، والعقد الذي تم به الإيجار وأمضاه الطرفان قد نص فيه على الوعد (الالتزام) إذ ما رضي كل طرف من المتعاملين بالعقد إلا بجميع ما اشتمل عليه.
الصورة الثالثة:
وهي أن يهبه المعدات بواسطة عقد أبرم بعد عقد الإجارة، وقع التنصيص فيه على أن الهبة معلقة بسداد آخر قسط من أقساط الإجارة.
هذه هي هبة، وهي كسابقتها جائزة ونافذة، ولا مقال للورثة فيها باعتبار أنها هبة تم حوزها في حياة الواهب وهي معلقة، فمتى حصل الأمر المعلق عليه استحق الموهوب له الهبة.
وأما إن وعد بالهبة بعد عقد الإيجار، فإن استمر الواهب حياً فهو ملزم قطعاً بتنفيذ وعده، وإن مات قبل ذلك فهل يكون الورثة غير ملزمين بتنفيذ الوعد نظراً إلى أنه لم يبن العقد الأول على الهبة؟
أو يكونون ملزمين؛ لأن الواهب وعد بالهبة وعداً ملزماً لربطه بأمر له فيه حظ والموهوب له (المستأجر) قد قبل الهبة، وقد حصل الحوز، فجميع أركان لزوم الهبة قد تحققت؟