للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القسم الثاني

• الإجارة في الفقه الإسلامي.

• طبيعتها وأنواعها، وأركانها، وشروطها، وأحكامها.

• وسائلها واشتراط الشروط فيها.

• آثارها.

• كيفية فسخها.

طبيعة عقد الإجارة وصفته

عقد الإجارة من عقود المعاوضات المسماة، وهو عقد لازم عند جمهور الفقهاء حيث لا يكون لأحد الطرفين فسخها دون رضا الآخر إلا لحق خيار الشرط، أو العيب، أو نحوهما، وهذا مذهب المالكية، والشافعية، والحنابلة (١) .

ونقل عن شريح: أنها غير لازمة، وتفسخ بلا عذر لأنها إباحة المنفعة فأشبهت الإعارة، ورد بأنه القياس مع الفارق، لأن الإعارة بدون عوض، فهي تطوع وإحسان، في حين أن الإجارة معاوضة من الطرفين.

وذهب الحنفية إلى أنها عقد لازم، ولكن تفسخ بعذر طارئ، قال الكاساني: "وأما صفة الإجارة فالإجارة عقد لازم إذا وقعت صحيحة عرية عن خيار الشرط، والعيب والرؤية عند عامة العلماء، فلا تفسخ من غير عذر" (٢) ، وقال أيضاً: "وأما شرط اللزوم فنوعان: نوع هو شرط انعقاد لازم، ونوع هو شرط بقائه على اللزوم، أما الأول: فأنواع: منها أن يكون العقد صحيحاً، لأن العقد الفاسد غير لازم بل هو مستحق النقض والفسخ رفعاً للفساد حقاً للشرع، فضلاً عن الجواز.

ومنها: أن لا يكون بالمستأجر عيب في وقت العقد، أو وقت القبض يخل بالانتفاع، فإن كان لم يلزم العقد، حتى قالوا في العبد المستأجر للخدمة إذا ظهر أنه سارق له أن يفسخ الإجارة، لأن السلامة مشروطة فتكون كالمشروط نصاً كما في بيع العين.

ومنها: أن يكون المستأجر مرئياً للمستأجر، حتى لو استأجر داراً لم يرها ثم رآها فلم يرض بها أنه يردها، لأن الإجارة بيع المنفعة فيثبت فيها خيار الرؤية كما في بيع العين.

وأما الثاني فنوعان:

أحدهما: سلامة المستأجر عن حدوث عيب به يخل بالانتفاع به (مثل استئجار دابة ثم تعرج، أو بيت فينهدم بعضه، أو شخص فيمرض) فالمستأجر بالخيار إن شاء مضى على الإجارة وإن شاء فسخ، بخلاف البيع إذا حدث بالمبيع عيب بعد القبض فليس للمشتري أن يرده ... فإن لم يفسخ ... فعليه كمال الأجرة، لأنه رضي بالمعقود عليه مع العيب فيلزمه جميع البدل.. وإن زال العيب قبل أن يفسخ..، بطل خيار المستأجر، لأن الموجب للخيار قد زال والعقد قائم فيزول الخيار.


(١) يراجع: عقد الجواهر الثمينة: ٢/٨٥٩؛ والذخيرة: ٥/٥٣١؛ وبداية المجتهد: ٢/٣٥٩-٣٧٤؛ وروضة الطالبين: ٥/٢٣٩؛ والمغني لابن قدامة: ٥/٤٣٣؛ والكافي، ط. المكتب الإسلامي بدمشق: ٢/٣١٥.
(٢) بدائع الصنائع: ٦/٢٦٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>