للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقسم بعض فقهاء الحنفية الإجارة إلى قسمين:

١- إجارة على المنافع.

٢- إجارة على الأعمال.

قال الكاساني: "وهي في الحقيقة نوع واحد، لأنها بيع المنفعة، فكان المعقود عليه المنفعة في النوعين جميعاً، إلا أن المنفعة تختلف باختلاف محل المنفعة فيختلف استيفاؤها باستيفاء منافع المنازل بالسكنى والأراضي الزراعية، وعبيد الخدمة بالخدمة والدواب بالركوب والحمل، والأواني والظروف بالاستعمال، والصناع بالعمل من الخياطة والقصارة ونحوهما، وقد يقام فيه تسليم النفس مقام الاستيفاء كما في أجير الواحد حتى لو سلم نفسه في المدة ولم يعمل استحق الأجر" (١) .

أركان عقد الإجارة وشروطها:

للإجارة ثلاثة أركان وهي:

العاقدان (المؤجر والمستأجر) ، الصيغة (الإيجاب والقبول) ، والمعقود عليه (الأجرة والمنفعة) .

والحنفية حصروا أركانها في الإيجاب والقبول (٢) .

فبالنسبة للعاقدين يشترط فيهما: العقل بلا خلاف، والبلوغ على خلاف وتفصيل ليس هذا محله، وخلاصته: أن الجمهور أجازوا للصغير المميز إنشاء عقد الإجارة بإذن وليه أو وصيه على تفصيل بينهم خلافاً للشافعية والظاهرية وأن الراجح قول الجمهور (٣) ، وكذلك اشترط الجمهور عدم إكراه أحد العاقدين واشترط الحنفية للنفاذ ألا يكون العاقد مرتداً (٤) ، لكن من له الولاية على المحجور عليه ينفذ تصرفه عليه بالتأجير، أو على ماله لوجود الإنابة من الشرع، وإذا بلغ الصبي قبل انتهاء المدة ففي لزوم العقد رأيان:

الأول: يبقى لازماً، أنه عقد لازم عقد بحق الولاية فلا يبطل.

والثاني: له الحق في إلغائه (٥) .


(١) بدائع الصنائع: ٥/٢٥٥٧.
(٢) هذا هو منهج الحنفية مع بقية العقود، ومع أنهم لم ينكروا بقية الأركان، لكنهم عند الذكر ذكروهما فقط، باعتبار أن الإيجاب يلزم منه وجود الموجب، والقبول وجود القابل، وأن الإيجاب والقبول لابد من تعلقهما بشيء وهو المعقود عليه، لكن هذا المنهج كما حققناه في مبدأ الرضا في العقود: ١/١٢٩ وما بعدها له دلالة على أهمية العبارة حتى تكاد تكون هي الوحيدة، وترتبت على ذلك آثار معنوية، ولم يكن الخلاف مجرد خلاف لفظي أو اصطلاحي حتى لا يكون فيه مشاحة.
(٣) يراجع للتفصيل: مبدأ الرضا في العقود للدكتور علي القره داغي، ط. دار البشائر ببيروت، ومصادره المعتمدة: ١/٢٧٤-٢٨٥. ويراجع في باب الإجارة: بدائع الصنائع: ٥/٢٦٥٧؛ وشرح الخرشي: ٧/٢؛ والروضة: ٥/١٧٣؛ والمغني لابن قدامة: ٥/٤٣٤؛ وحاشية الدسوقي: ٤/٢؛ وعقد الجواهر الثمينة: ٢/٨٣٥.
(٤) المغني لابن قدامة: ٥/٤٣٤؛ والروضة: ٥/١٧٣.
(٥) يراجع: بدائع الصنائع: ٥/٢٥٦٤؛ والشرح الصغير: ٤/١٨١-١٨٢؛ والمهذب: ١/٤٠٧؛ والمغني لابن قدامة: ٥/٤٧٠-٤٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>