للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبخصوص مدة الإجارة لم يضع الفقه في ذلك شروطاً حاسمة، اللهم إلا شرطاً واحداً هو أن تظل العين خلالها صالحة لتقديم هذه المنفعة طالت المدة أو قصرت (١) ، ومن الواضح أن هذا الأمر ظني، متوقف على غلبة الظن والتوقع، وإلا فهناك عوامل متعددة لا يمكن التأكد منها، لها دورها الحاسم في تحديد العمر الإنتاجي للأصل المنتج، إذن هي قابلة لامتداد المدة امتداداً طويلاً بطول عمر الأصل المنتج للمنفعة، وهذه قضية مهمة نتعرف عليها بعد استعراضنا للإجارة المالية.

ومن الجوانب الفقهية أو الشرعية ذات الأهمية هنا ما يتعلق باللزوم والجواز في عقد الإجارة. فهل الإجارة عقد لازم أم عقد جائز؟ أم هي عقد لازم.

لطرف جائز للطرف الثاني؟ (٢) وأيضاً فإن لهذه الزاوية أهمية كبرى في عصرنا الحاضر، كما سنرى عند دراستنا للإجارة المالية.

وأخيراً فإن مسألة الصيانة والنفقة والضمان من المسائل بالغة الأهمية في ضوء التطور الحديث الذي جاء لنا بالإجارة المالية. والمدون في فقه الإجارة أنه لا ضمان على المستأجر إلا بالتفريط أو التعدي، وما عدا ذلك فاشتراطه منافٍ لمقتضى العقد، ومن ثم فلا يصح. والمعروف كذلك لدى جميع الفقهاء أن صيانة الأصل المؤجر على المؤجر وليس على المستأجر، ولو اشترطه على المستأجر فهو شرط فاسد لا أثر له، لكن حقيقة الصيانة وبنودها كل ذلك راجع إلى العرف السائد، والتأمين على سلامة الأصل مسؤولية المؤجر، لكن من حقه أن يوكل المستأجر في القيام بذلك، على أساس أنه أصبح جزءاً من الأجرة المقررة (٣) ، والمهم في الأمر كله ألا يؤدي شيء من ذلك إلى جهالة الأجرة، ومن ثم الغرر والإفضاء إلى النزاع، وبالتالي عدم قيام عقد الإجارة بتحقيق المقصد منه.


(١) ابن قدامة، المغني، مكتبة الرياض الحديثة، الرياض ١٩٨١: ٥/٤٣٧، وزارة الأوقاف، الكويت، الموسوعة الفقهية: ١/٢٦١ وما بعدها؛ د. عبد الوهاب أبو سليمان، مرجع سابق، ص ٦٤.
(٢) هي عقد لازم لكلا الطرفين، وقد فسر ذلك الإمام العز بقوله: "وأما البيع والإجارة فلو كانا جائزين لما وثق كل واحد من المتعاقدين بالانتفاع بما صار إليه، ولبطلت فائدة شرعيتهما، إذ لا يأمن من فسخ صاحبه"، قواعد الأحكام، المكتبة التجارية، القاهرة: ٢/١٢٥ وهذا متفق عليه بين الفقهاء. انظر الموسوعة الفقهية: ١/٢٥٣؛ د. عبد الوهاب أبو سليمان، مرجع سابق، ص ٣٣.
(٣) الموسوعة الفقهية: ١/٢٨٦، د. أبو سليمان، ص ٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>