للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقول: كون المبيع المستحق التسليم في أجل محدد ضرب من الالتزام لا خلاف فيه، وأما كون هذا الالتزام مساويًّا للدين فغير مسلم، لأن الالتزام أعم من الدين، فكل دين التزام، وليس كل التزام دينًا، والالتزام في عقد المقاولة ليس دينًا، وإنما هو التزام بأداء عمل، والمقاول قد يكون دائنًا لا مدينًا في كثير من الحالات، فالبنوك العقارية تقوم ببناء المساكن مقاولة وتتقاضى المقابل على أقساط بعد تسليم المبنى، وكذلك يفعل كبار المقاولين.

والفرق كبير جدًا بين التزام المقاول والمورد، والتزام المقترض والمشتري بثمن مؤجل والمسلم إليه، فالتزام هؤلاء الثلاثة دين حقيقي ثبت في ذمتهم وأخذوا مقابله، أما التزام المقاول والمورد فهو التزام بأداء عمل لا يستحقون مقابله إلا بعد أدائه، والله أعلم.

غرامات التأخير غير الشرط الجزائي:

يخضع المتعاقد مع الدولة لغرامة تأخير لا تزيد في مجموعها على ٤ % من قيمة عقد التوريد و١٠ % من قيمة الأشغال العامة والصيانة، وقد تكون هذه الغرامة تصاعدية حسب مدة التأخير (١) .

يخلط بعض الباحثين بين غرامات التأخير هذه، والشرط الجزائي فيعتبرهما شيئًا واحدًا، وهذا غير صحيح، فغرامات التأخير تفرضها الحكومة على المتعامل معها في المناقصات الحكومية، وهي أقرب إلى العقوبة المالية، أما الشرط الجزائي فهو تقدير اتفق عليه المتعاقدان لقيمة التعويض عن الضرر الذي ينشأ عن الإخلال بالعقد كما بينا، ولهذا يطلق عليه بعضهم (٢) (التعويض الاتفاقي) ، وهذه التسمية أولى عندي من تسميته (الشرط الجزائي) ولكن الاصطلاح جرى واستقر على عبارة (الشرط الجزائي) .

وبحثي هذا خاص بالشرط الجزائي – التعويض الاتفاقي – ولا يتناول غرامات التأخير.


(١) المصدر السابق، ص ٢٢٩.
(٢) الدكتور السنهوري في الوسيط: ٢ / ٨٥١، وما نسبه الدكتور رفيق المصري إلى الدكتور السنهوري من أنه ممن يعتبرون غرامات التأخير في مناقصات التوريد والمقاولة صورة من صور الشرط الجزائي لم أجده في المراجع التي أشار إليه (الوسيط ومصادر الحق) مجلة مجمع الفقه الإسلامي العدد التاسع: ٢ / ٢٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>