للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المطلب الثاني

أقسام الشروط

١- الشروط الشرعية:

قال الشاطبي: الشروط المعتبرة في المشروعات شرعًا على ضربين:

أحدهما: ما كان راجعًا إلى خطاب التكليف _ إما مأمورًا بتحصيلها – كالطهارة للصلاة، وأخذ الزينة لها، وطهارة الثوب وما أشبه ذلك – وأما منهيًّا عن تحصيلها – كنكاح المحلل الذي هو شرط لمراجعة الزوج الأول، والجمع بين المفترق والفرق بين المجتمع خشية الصدقة، الذي هو شرط لنقصان الصدقة، وما أشبه ذلك، فهذا الضرب واضح قصد الشارع فيه، فالأول مقصود الفعل؛ والثاني مقصود الترك، وكذلك الشرط المخير فيه – إن اتفق – فقصد الشارع فيه جعله لخيرة المكلف: إن شاء فعله فيحصل المشروط، وإن شاء تركه فلا يحصل.

والضرب الثاني ما يرجع إلى خطاب الوضع؛ كالحول في الزكاة، والإحصان في الزنى، والحرز في القطع وما أشبه ذلك. فهذا الضرب ليس للشارع قصد في تحصيله من حيث هو شرط، ولا في عدم تحصيله، فإبقاء النصاب حولًا حتى تجب الزكاة فيه، ليس بمطلوب الفعل أن يقال يجب عليه إمساكه حتى تجب عليه الزكاة فيه، ولا مطلوب الترك أن يقال يجب عليه إنفاقه خوفًا أن تجب فيه الزكاة. وكذلك الإحصان لا يقال إنه مطلوب الفعل ليجب عليه الرجم إذا زنى، ولا مطلوب الترك لئلا يجب عليه الرجم إذا زنى (١) .

٢- الشروط الجعلية أو الوضعية:

الشروط المعتبرة في المشروطات شرعًا، سواء ما كان راجعًا إلى خطاب التكليف وما كان راجعًا إلى خطاب الوضع، كلها شروطًا شرعية؛ فالشرع هو الذي اشترطها وليس المكلف.

أما الشروط الجعلية فهي الشروط التي يشترطها المكلف، كشروط المتعاقد في العقد، وشروط الواقف، وشروط الموصي.

إذن ما اشترطه الشرع فهو شرط شرعي، وكل ما اشترطه المكلف فهو شرط جعلي.

فمثلًا اشتراط أن يكون محل العقد متقومًا، والأهلية وعدم الغرر، شروط شرعية.

واشتراط الكفيل لضمان الثمن، والرهن، وخيار الشرط، شروط جعلية.

ومن المعلوم أن الشرط الجزائي – موضوع البحث – من الشروط الجعلية. ولذلك نبحث هذه الشروط بالتفصيل في المذاهب المختلفة المعتبرة.

تعريف الشرط الجزائي:

عرفنا المراد بالشرط، فالمراد بالجزائي:

الجزاء: المكافأة على الشيء، جزاه به وعليه جزاء، والجزاء يكون ثوابًا ويكون عقابًا ويستعمل في الخير والشر (٢) .

والمراد بالجزاء هنا العقاب لا الثواب، والشرط الجزائي يعني الجزاء المترتب على الإخلال بالشرط، والمكافأة على الإخلال بالشرط لا تكون ثوابًا.

وستأتي أمثلة كثيرة متنوعة عند الحديث عن الشرط الجزائي في المعاملات المعاصرة في المبحث الثامن (٣) .


(١) الموافقات: ١ / ٢٧٣
(٢) انظر مادة (جزى) في لسان العرب، وفي معجم ألفاظ القرآن الكريم لمجمع اللغة العربية بالقاهرة
(٣) لم أجد عبارة (الشرط الجزائي) في كتب الفقه والأصول التي رجعت إليها، وهي موجودة في القوانين الوضعية، انظر على سبيل المثال: الوسيط للدكتور عبد الرزاق السنهوري: الفصل الثاني من الباب الثاني من آثار الالتزام: ٢ / ٨٥١ – ٨٧٧، حيث تجد حديثًا مفصلًا عن الشرط الجزائي في القانون.

<<  <  ج: ص:  >  >>