للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الثاني

الشروط عند الحنفية

قال المرغياني:

" ومن باع عبدًا على أن يعتقه المشتري أو يدبره أو يكاتبه أو أمة على أن يستولدها فالبيع فاسد " لأن هذا بيع وشرط، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع وشرط.

ثم جملة المذهب فيه أن يقال: كل شرط يقتضيه العقد كشرط الملك للمشتري لا يفسد العقد لثبوته بدون الشرط، وكل شرط لا يقتضيه العقد وفيه منفعة لأحد المتعاقدين أو للمعقود عليه وهو من أهل الاستحقاق يفسده كشرط أن لا يبيع المشتري العبد المبيع لأن فيه زيادة عارية عن العوض فيؤدي إلى الربا، أو لأنه يقع بسببه المنازعة فيعرى العقد عن مقصوده إلا أن يكون متعارفًا لأن العرف قاض على القياس، ولو كان لا يقتضيه العقد ولا منفعة فيه لأحد لا يفسده، وهو الظاهر من المذهب، كشرط لا يبيع المشتري الدابة المبيعة، لأنها انعدمت المطالبة فلا يؤدي إلى الربا ولا إلى المنازعة. إذا أثبت هذا فنقول: إن هذه الشروط لا يقتضيها العقد لأن قضيته الإطلاق في التصرف والتخيير لا الإلزام حتمًا، والشرط يقتضي ذلك، وفيه منفعة للمعقود عليه.

وقال:

" وكذلك لو باع عبدًا على أن يستخدمه البائع شهرًا، أو دارًا على أن يسكنها، أو على أن يقرضه المشتري درهمًا، أو على أن يهدي له هدية " لأنه شرط لا يقتضيه العقد وفيه منفعة لأحد المتعاقدين، ولأنه عليه الصلاة والسلام نهى عن بيع وسلف، ولأنه لو كان الخدمة والسكنى يقابلهما شيء من الثمن يكون إجارة في بيع، ولو كان لا يقابلهما يكون إعارة في بيع، وقد نهى النبي عليه الصلاة والسلام عن صفقتين في صفقة.

ثم قال:

الكتابة والإجارة والرهن بمنزلة البيع لأنها تبطل بالشروط الفاسدة.

والهبة والصدقة والنكاح والخلع والصلح عند دم العمد هذه العقود لا تبطل بالشروط الفاسدة (١) .


(١) انظر الهداية مع شرح فتح القدير: ٦ / ٧٦ – ٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>