جواز جعل جدة ميقاتًا لركاب الطائرات الجوية والسفن البحرية
إنه متى كان أصل فرض الحج موقوفًا على الاستطاعة، وكونه يسقط بجملته عمن لا يستطيعه سقوطًا كليًا بدون استنابة على القول الصحيح. ويسقط عمن يخاف على نفسه خوفًا محققًا، فكذلك سائر واجباته تسقط عمن لا يستطيعها بدون استنابة ولا فدية، ومتى كان الأمر بهذه الصفة، وأن جميع الطائرات التي تحمل الحاج مكلفة حسب النظام بالنزول في مطار جدة، ولا يحيد أحد عن هذا النظام الحكومي، وقد هيأت الحكومة - حرسها الله - للحجاج في مطار جدة سائر ما يحتاجون إليه، من وسائل الراحة والرفاهية، فأعدت لهم المحلات الواسعة المنظمة بالماء للشرب وللوضوء والاغتسال، ومواضع الراحة والصلاة، وكذا الكهرباء والأكل، بحيث يتمكنون من فعل الإحرام براحة وسعة.
ويوجد هناك من العلماء من يرشدهم إلى تعليم الدخول في النسك، وتعليم ما ينبغي لهم فعله، وبيان ما يجب عليهم اجتنابه، والنبي صلى الله عليه وسلم قال في المواقيت:((هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن)) (١) . ومن العلوم أن مرور الطائرة فوق سماء الميقات، وهي محلقة في السماء، لا يصدق على أهلها أنهم أتوا الميقات المحدد لهم، لا لغة ولا عرفًا؛ لكون الاتيان هو الوصول إلى الشيء في محله، كقوله سبحانه {وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا}[البقرة: ١٨٩] . فإتيان البيوت هو: الوصول إليها أو دخولها، فلا يأثم من جاوزها في الطائرة، ولا يتعلق به دم عن المخالفة، كما أنه لن يتمكن ركاب الطائرات من الإحرام في بطن الطائرة بين السماء والأرض؛ لكونهم مشغولين بالاضطراب والخوف من خطر الطائرة خشية وقوع الحادث بها، ولن يزالوا في خوف حتى يصلوا إلى ساحل السلامة.