اتضح أن الغرض من الشرط الجزائي أن يكون ضمانا للناس على العقود التي يعقدونها أو ما يلتزمون أو يتعهدون به ضمن العقود التي عقدوها مخافة نكول أحدهم عما عقد عليه أو التزمه أو تعهد به. وعليه يكون الشرط الجزائي من حيث الصحة والنفوذ مرتبطا بذلك العقد أو الالتزام المتفق عليه، فإن كان العقد أو الالتزام المتضمن للشرط الجزائي صحيحا من حيث الأمور المعتبرة في صحتها كان الشرط الجزائي المبتني عليه نافذا ومستحقا، وإلا فسوف يكون الشرط الجزائي باطلا ببطلان أصله، إذ ليس الشرط الجزائي إلا فرعا من ذلك العقد أو الالتزام، وأن الفرع يتبع الأصل، فإذا كان الأصل غير معتبر وغير ملزم بشيء للطرفين المتعاقدين كان الشرط الجزائي المبتني عليه غير معتبر قهرا وغير ملزم بشيء على المشروط عليه. وكذا يعتبر في صحة الشرط الجزائي أن لا يكون مستتبعا لأمر باطل كالربا، وإلا فيكون باطلا، إذ ما يستلزم الباطل باطل.
وعليه فالضابط العام في صحة الشرط الجزائي هو: أن لا يكون مبتنيا على أمر باطل ولا مستتبعا لما هو باطل، وأنه إذا كان كذلك صح ونفذ ووجب الوفاء به وجوبا تكليفيا شرعيا، لما ذكرنا من أدلة وجوب الوفاء بالشروط، وأن المؤمنين – أو المسلمين – عند شروطهم، مضافا إلى ما دل على وجوب الوفاء بالعقد بعد كون الشرط كالجزء من العقد، وعلى أساس هذا الضابط فلا تصح الشروط الجزائية في الموارد التالية:
١- الشروط الجزائية في المعاملات الباطلة الفاقدة لما يعتبر في صحة العقد من حيث شروط الصيغة أو العوضين أو المتعاقدين، كعقد الصبي إذا تضمن شرطا جزائيا أو المعاملات الربوية المتضمنة لشروط جزائية.
٢- إذا كان الشرط الجزائي مبتنيا على التزام باطل، كالالتزامات غير السائغة في أنفسها أو المخالفة للكتاب والسنة أو التي تكون منافية لمقتضى العقد أو الالتزامات الابتدائية أو ما تكون مجهولة بحيث توجب الغرر في البيع أو الالتزامات غير المقدورة أو ما ليس فيها غرض معتد به. فلو باعه العنب – مثلا – على أن يجعله خمرا وإلا فعليه كذا من المبلغ فهذا الشرط الجزائي باطل لكونه مبنيا على التزام غير سائغ في نفسه أو مخالف للكتاب والسنة. أو باعه شيئا بشرط أن لا يتصرف المشتري فيه وإلا فعليه كذا غرامة، أو اشترطت الزوجة في عقد النكاح أن لا يستمتع الزوج بها وإلا فعليه كذا من المبلغ، فالشرط الجزائي في هذين المثالين باطل لكونه مبنيا على ما هو مناف لمقتضى العقد أو حكمه. ولو وعد رجل امرأة بالزواج منها فإن مجرد الوعد من حيث إنه التزام ابتدائي لا يترتب عليه إلزام أحد الطرفين بالعقد في المستقبل، وكل شرط جزائي يتضمنه هذا الوعد يكون باطلا، وكذا لو اشترط المشتري في بيع الأم كونها حاملا مع جهالة الحمل فهذا الشرط باطل من حيث الجهالة ولزم الغرر، والشرط الجزائي المبتني عليه يكون باطلا قهرا.
وكما لو اشترط البائع في بيع الزرع أن يجعله سنبلا أو الرطب أن يجعله تمرا وإلا كان عليه كذا من المبلغ أو باعه العبد بشرط أن لا يأكل إلا الهريسة ولا يلبس إلا الخز وإلا فعليه كذا. فإن الشرط الجزائي في جميع هذا الصور باطل ببطلان أصله.
٣- إذا كان الشرط الجزائي مستتبعا لباطل، كما لو اشترط الدائن على المدين أن يدفع غرامة عن تأخيره عن أداء الدين، فإن هذا الشرط الجزائي باطل لاستلزامه الربا في القرض، كما سيأتي تفصيل ذلك.