١- من أمثلة الشرط الجزائي – كما ذكرنا – العربون الذي يدفعه المشتري ضمانا على الشراء، وله صور:
أ- ان تنشأ المعاملة ثم يدفع المشتري جزءا من الثمن بعنوان العربون ضمانا على العقد. ففي هذه الصورة يجب على المشتري أن يدفع بقية الثمن لأن المعاملة قطعية ولازمة فيجب الوفاء بها، وإلا كان للطرف الآخر فسخ العقد.
ب- إذا لم تنشأ المعاملة بعد وإنما دفع المشتري مبلغا بعنوان العربون كي يحتفظ البائع بالسلعة للمشتري ولا يبيعها للغير، فحينئذ يكون دفع العربون مجرد التزام ابتدائي لا يلزم بشيء على المشتري، فإذا انصرف المشتري عن الشراء كان على البائع أن يرد العربون إليه لأن أكله حينئذ من دون رضاه أكل للمال بالباطل من دون أن تكون تجارة عن تراض.
وهناك صورة ثالثة وهي أن يعقد العقد ويجعل في ضمنه حق الفسخ للمشتري بإزاء العربون، ومرجعه في الحقيقة إلى اشتراط تملك البائع للعربون عند فسخ المشتري، فلا محذور في هذا الشرط، وبمجرد فسخ المشتري يتنجز ملكية البائع للعربون، وإن لم يفسخ كان العربون جزءا من الثمن وعليه أن يدفع بقية الثمن.
٢- إذا تعاقد بعقد واشترط في ضمنه أنه إذا انصرف أحدهما كان له الحق في الفسخ بشرط أن يدفع كذا من المبلغ لصاحبه، ومرده في الحقيقة إلى جعل حق الفسخ للمتعاقدين بازاء مبلغ معين، فهذا من أمثلة الشرط الجزائي الصحيح وفقا للضابط الذي ذكرناه، فإذا انصرف أحدهما عن المعاملة ودفع الشرط الجزائي المتفق عليه ثبت له الحق في الفسخ، ومن دون أداء الشرط الجزائي لا يجوز له فسخ المعاملة. نعم لو اشترط في ضمن العقد مجرد أنه إذا انصرف أحدهما كان عليه أن يدفع مبلغ كذا بطل الشرط الجزائي لأنه على خلاف الكتاب والسنة، إذ ليس في مقابله شيء له ماليته، فيكون أكله أكلا للمال بالباطل ومن دون صدق " تجارة عن تراض " عليه. وإن أمكنت المناقشة في هذا المثال.
٣- من أمثلة الشرط الجزائي – كما ذكرنا – هو الضمان الذي يشترطه المشتري على البائع عند بيعه مالا غير منقول خارج دائرة الطابو، فهذا الشرط صحيح ولا بأس به بناء على ما ذكرنا من الضابط للشروط الصحيحة.
٤- لو اشترط المشتري على البائع أنه متى ظهر المبيع مستحقا للغير فعليه أن يدفع كذا من المبلغ، فالظاهر أن هذا الشرط ليس بصحيح، لأنه عند تبين كونه مستحقا للغير تبطل المعاملة فيبطل الشرط الذي في ضمنه قهرا، وينقلب إلى كونه شرطا ابتدائيا، اللهم إلا إذا أوجب ذلك ضررا عليه وقد غره البائع في ذلك فيكون ضامنا بمقدار الضرر من باب قاعدتي (نفي الضرر) و (أن المغرور يرجع على من غره) . نعم لو اشترط هذا الشرط في ضمن عقد آخر فالظاهر صحة الشرط ووجوب الوفاء به.