للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤- مفهوم الشروط الوضعية:

قلنا إن الشرط الوضعي ما ينشئه الإنسان بتصرفه وإرادته، ويجعل عقوده والتزاماته معلقة عليه بحيث إذا لم يتحقق ذلك الأمر تتحقق تلك العقود والالتزامات (الشرط الجعلي المعلق) أو ما يقترن بالعقود والتصرفات من التزامات يشترطها الناس بعضهم على بعض (الشرط الجعلي المقيد) وهذا النوع من الشروط هو محل خلاف بين العلماء فبعضهم لا يجيز تعليق جميع العقود والتصرفات بالشرط، كما لا يجيزون اقترانها بأي شرط كان، فمنهم المضيق ومنهم الموسع ومنهم المتوسط بين هذا وذلك، وهذه خلاصة قبل بسط القول في هذه القضية على طريقة اللف والنشر عند أهل البلاغة.

فالمضيقون: يلغون إرادة المكلف ويجعلون الأصل في العقود والشروط التحريم، إلا إذا ورد النص الشرعي بالإباحة وهؤلاء هم الظاهرية ومن تابعهم.

والموسعون: يطلقون إرادة المكلف ويجعلون لها سلطانا كبيرا في باب العقود والشروط إذ الأصل عندهم الإباحة في الشروط والعقود إلا إذا ورد النص بالتحريم وهؤلاء هم الحنابلة، وأوسع الحنابلة في هذا الباب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، حيث عقد فصلا كاملا فقال: فصل القاعدة الثالثة في العقود والشروط فيها فيما يحل ويحرم وما يصلح منها ويفسد (١) ، وخلاصته أنه لا يبطل من هذه الشروط إلا ما دل دليل على بطلانه، فأما ما دل على اعتباره أو سكت عنه فإنه صحيح معتد به كما سنعلم إن شاء الله تعالى.

ومن المتوسطين الحنفية فإنهم يقسمون الشروط إلى ثلاثة أنواع:

شرط صحيح: وهو ما كان موافقا لمقتضى العقد أو مؤكدا له، أو أذن به الشرع أو جرى به العرف.

وشرط فاسد وهو ما كان فيه منفعة لأحد المتعاقدين أو لغيرهما، ولم يكن من النوع الصحيح.

وشرط باطل وهو ما لم يتحقق فيه، لا معنى الصحيح ولا معنى الفاسد، كالذي يبيع داره بشرط أن لا يسكنها أحد.

والشرط الفاسد يفسد العقد، والشرط الباطل لغو ولكن العقد صحيح (٢) .


(١) الفتاوي لابن تيمية: ٢٩/١٢٦- ١٨٠.
(٢) الوجيز في أصول الفقه، د. عبد الكريم زيدان، ص٦١-٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>