للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولعلنا نقف عند هذا الأخير لأنه التطبيق العملي. فالشرط الجزائي في المعاملات المعاصرة أولًا تحدثت عن تأخير الديون والحقوق، وكل الأبحاث ماعدا بحث فضيلة الشيخ الصديق الضرير لم يعتبر هذا شرطًا جزائيًّا. فقلت هنا يدخل في الشرط الجزائي فوائد البنوك الربوية وفوائد التأخير في عقود البيع بالتقسيط، والإجارة، وبطاقات الائتمان، وفي بعض العقود الحكومية، وكلها من الربا المحرم.

ثم تحدثت عن موقف المصارف الإسلامية من فوائد التأخير، وذكرت استبيانًا تبين منه أن اثني عشر بنكًا إسلاميًّا من سبعة وعشرين يقومون بتوقيع عقوبة الشرط الجزائي في غرامات الأخير، ولكنه يقصره على المماطل. والواقع العملي يبين أنه على المماطل وغير المماطل. وللأسف الشديد قرأت في الصحف أن أحد المتعاملين مع بنك إسلامي كان قد بقي عليه من الثمن ثلاثة وثلاثون ألفًا فاحترقت المنشأة وقام البنك بالتعيين والتأمين بالتعيين. ثم التأمين دفع المبلغ بعد مدة فالبنك الإسلامي أخذ سبعة وتسعين، فعندما سأله قال: هذا غرامة التأخير!! فعلى إخواننا الذين يبيحون غرامة التأخير أن ينتبهوا إلى هذا.

في البيع بالتقسيط فيه قرار المجمع بعدم جواز اشتراط التعويض في حالة التأخر عن الأداء وجواز حلول الأقساط قبل موعدها. ويجوز الشرط الجزائي في الحقوق إذا لم تكن ديونًا مثل المقاولات والاستصناع وتحدثت عن هذا بالتفصيل.

ثم تحدثت عن معاملات المصارف. ومن معاملات المصارف وعد المرابحة. ومعلوم أن المجمع له قرار في بيع العربون، وله قرار في أن هذا لا يدخل في وعد المرابحة، ولكن أنا أعراض هنا ما أعرضه كما ذكرت في البحث أنني لا أعرضه على سبيل الإفتاء إنما أعرضه ليبحث في المجمع. فالوعد في المرابحة في المصارف الإسلامية يكون معه عادة دفع مبلغ يسمى عربونًا، وإذا انطبق عليه العربون فبيع العربون في الفقه الإسلامي منعه الجمهور خلافًا للإمام أحمد، وحدث خلاف حول الإلزام بالوعد، فإذا لم يكن الواعد ملزمًا فلا يجوز الشرط الجزائي، وإذا كان ملزمًا جاز، ولكن ما الذي يترتب على هذا الشرط؟ لو أخذنا بجواز بيع العربون فإن العربون يصبح ملكً للمصرف عندما لا يلتزم الواعد بالشراء بوعده وإن لم يترتب على خلف الوعد أي ضرر، وهذا ما أخذ به القانون الوضعي، وإن قنا بعدم جواز بيع العربون مع القول بأن الوعد ملزم فما الذي يترتب على الشرط الجزائي؟

<<  <  ج: ص:  >  >>