بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه.
مسألة الشروط مسألة قديمة قدم الفقه الإسلامي، ولعلكم تعرفون ذلك الرجل الذي سأل في الحج أبا حنيفة وابن شبرمة وابن أبي ليلى فاختلفوا جميعً في موسم الحج ودار عليهم وكل منهم ذكر ما استدل به من أحاديث الشروط. فمسألة الشروط بصفة عامة هي مسألة قديمة.
أما بالنسبة للشرط الجزائي أنا أظن أن الشرط الجزائي بالنسبة للديون منصوص عليه بالتحريم لأنه من ربا الجاهلية. أهل الجاهلية كانوا يبحثون عن تعويض الضرر لتأخر الدين (إما أن تقضي أو تربي) ، ولذلك فسر القرطبي – رحمه الله – آيات الدين في قوله تعالى: {وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ (٢٧٩) وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: ٢٧٩ – ٢٨٠] ، قال: الله سبحانه وتعالى جعل المدينين بين اثنين: موسر يجب عليه رد ما عليه من الدين، ومعسر يجب انتظاره، فلا يوجد قسم ثالث ولا يوجد تفصيل آخر. الموسر ليس عليه إلا أن يجبر على رد الدين والمعسر يجب إنظاره بالدين، وهذا أمر مجمع عليه لا خلاف فيه بين المسلمين.
وقد ذكر البناني على الزرقاني وهو يعلل ذلك، قال: بأن من داينه لا يجب عليه إلا أداء الدين، لأن من داينه داخل على المطل وداخل على أن يفلس وداخل على أن يموت. إذا هذا الشرط هو ربا الجاهلية الذي لا يشك فيه كما يقول الإمام أحمد – رحمه الله تعالى – أن هذا هو ربا الجاهلية الذي لا يشك فيه إما أن تقضي وإما ان تربي. ومن العجيب أن نرجع اليوم إلى هذا الربا الذي لا يشك فيه وأن نحاول أن نعطيه اسمًا جديدًا كما تستحل الخمر ويعطى لها اسم آخر غير اسم الخمر كما جاء في الحديث.
يبدو لي أن هذه المسألة يجب أن نبت فيها بقوة وأن نبين على المستوى الدولي أن الشرط الجزائي هو الذي أهلك الدول الإسلامية بالديون للبنك الدولي. هذا الشرط (إما أن تقضي وإما أن تربي) هو الذي جعل الديون تتراكم على كثير من دول العالم الإسلامي بحيث أصبحت رهينة بيد البنك الدولي فيجب أن نحاول أن نجعل الاقتصاد العالمي اقتصاد أخلاقيًّا يهتم الأخلاق، وأن يرفع هذا المجلس عقيرته بأن الشرط الجزائي مضر، وأن الربا مضر بالعالم كله لا بالمسلمين فقط.