كشف البحث في عرضه وتحليلاته السابقة أن عقد التوريد لا يعدو أن يكون نوعًا من أنواع البيع على الصفة في الفقه الإسلامي، إذ يتفق معه في الأهداف والوسائل، في الطريقة بدءًا وتمامًا، من أهم ذلك.
أولًا: الهدف في العقدين تأبيد الملكية في المبيع للمشتري، والثمن للبائع.
ثانيًّا: غياب العوضين (المبيع والثمن) عن مجلس العقد، وتأجيلهما جملة، أو أقساطًا إلى زمن المستقبل.
ثالثا: وصف المبيع وصفًا يحدد جنسه، ونوعه، ويضبط مقداره، ومستوى جودته، وكل ما يحصل به تفاوت السعر.
رابعًا: انتفاء الغرر، وكل ما يلحق الضرر.
بالإضافة إلى الجوانب الأخرى المشتركة مع شروط وأركان عقد البيع، تخلص الدراسة الفقهية التحليلية في البحث إلى أن المذهب المالكي أكثر ملاءمة ومناسبة من بين المذاهب الأخرى لما يتم إنجازه من عقود التوريد في الوقت الحاضر؛ لما اشتمل عليه من مميزات وخصائص فقهية مجتمعة من دون تلفيق لم تتوافر مجتمعة في بقية المذاهب، من الأمثلة على ذلك:
أولًا: عدم لزوم العقد:
المذهب الحنفي يجيز بيع الغائب المجهول الصفة، والمعلوم الصفة على السواء، يعطي للمشتري حق الخيار ولو كان المبيع مطابقًا للمواصفات المشروطة، فله حق الفسخ في جميع الحالات.
فإذا كان البيع على الصفة معلومة، أو مجهولة يحقق مرونة فقهية في العقد يبررها ثبوت الخيار للمشتري، غير أن إعطاء حق الفسخ في جميع الحالات حتى ولو أحضر البائع المبيع، متوافر الصفات المطلوبة المشروطة في العقد يتسبب بلا شك في زعزعة الثقة بين المتبايعين، ويؤثر على العقد وحركة السوق بعدم الاستقرار. فالعقد في مثل هذه الحالة غير لازم في جميع الأحوال حتى يعلن المشتري رضاه، الأمر الذي لا يتفق وطبيعة العقود في المعاملات، بل هو أمر مرفوض في أسواق المال.