في حين أن المالكية، وشاركهم في هذا الحنابلة وفقوًا في سد هذه الثغرة فحكموا بلزوم العقد إذا أحضر البائع المبيع متفقًا ومتطابقًا مع الصفات المشروطة في العقد، لا يحق المشتري الفسخ بحال، وإنما له الخيار فقط حين يفتقد الصفات المطلوبة في المبيع، ومن حقه أيضًا فسخ العقد، أو المطالبة بالبديل، أو أرش النقص.
يحقق هذا المبدأ الفقهي، والقانون الشرعي إنصاف المتعاقدين على حد سواء. يبث الثقة والاطمئنان في نفس البائع من نفاق مبيعاته، كما يدفعه على الحرص على تنفيذ المواصفات المطلوبة في المبيع حتى يضمن لزوم العقد.
كما يحقق هذا المبدأ استقرار الأسواق وإيجاد الثقة بين التجار، وازدهار التجارة.
ثانيًّا: الأصل عند المالكية عدم نقد الثمن في بيع الخيار بعامة، وفي المبيع الغائب على الصفة بخاصة، يصبح العقد فاسدًا باشتراط دفعه، ولا بأس بدفعه من قبل المشتري تطوعًا.
يتفق في هذا الحنفية والمالكية، وموقف المالكية فيه أصرح وأوضح وأكثر بيانًا.
في حين يذهب الحنابلة إلى جواز تأجيل الثمن في حالة واحدة إذا كان المبيع الغائب معينًا موصوفًا، أما إذا كان موصوفًا غير معين فلابد من دفع الثمن، معللين هذا بأنه في معنى السلم.
ثالثًا: لم يقيد المالكية جواز البيع الغائب على الصفة بنوع معين من السلع، كل ما في الأمر أنه لابد من ذكر الصفات المميزة التي تختلف بها الأسعار، يوافقهم في هذا الحنفية.
في حين يخص الحنابلة الجواز بالمبيعات التي يصح السلم فيها وهي:
المكيلات، والموزونات، والمعدودات التي لا تختلف آحادها.
إلى غير ذلك من المسائل التي يترجح فيها الأخذ بمذهب المالكية بخصوص هذا العقد.
يندرج ضمن عقد التوريد بمعناه وأحكامه الشرعية المقررة للبيع على الصفة الصورة التالية:
الصورة الأولى: دفع الثمن مؤجلًا متزامنًا مع تسليم البضاعة.
الصورة الثانية: دفع الثمن أو بعضه مقدمًا على تسليم البضاعة من دون شرط من البائع.