للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصورة الثالثة: دفع المشتري عربونًا، أو تأمينًا، أو ضمانًا ماليًّا يحسب من ثمن السلعة.

الصورة الرابعة: دفع نسبة من المال من قبل المتعاقدين على أساس نسبة الثمن لضمان التزام كل منهما وتنفيذه يودع لدى طرف ثالث لضمان تنفيذ العقد؛ إذ أن هذا وما سبقه في الصورة الثالثة يعد في مصلحة العقد.

كل هذا فيما يقصد به أساسًا التبادل الفعلي للسلع والأثمان، أما ما كان من قبيل المستقبليات والخيارات في مصطلح المعاملات الحديثة التي يقصد منها الاسترباح بفروق الأسعار، فليست تندرج تحت عقد التوريد، ولا يمكن إلحاقها بالمبيع الغائب على الصفة حيث تختلف عنه في الأغراض، والوسائل، وتوافر الشروط والأركان للعقد الأساس: (عقد التوريد) .

الصورة الخامسة: عقود الإعاشة والتغذية للمدارس، وشركات الطيران والمستشفيات التي تعقدها الدولة، أو المؤسسات.

طبيعة هذه العقود أن يتم التسليم على دفعات يومية، أو شهرية لفترات طويلة ممتدة على مدى عام أو أكثر، أو أقل، يتم دفع الثمن في نهاية العقد، أو أثناء التنفيذ على أقساط، يبدأ غالبًا في تسليم الدفعات اليومية، أو الشهرية مباشرة مما يملكه البائع ويحتفظ بمواده في مستودعاته.

هذا النوع من العقود هو عقد البيع على الصفة وهو نفسه فيما يسمى اليوم بعقد الإعاشة والتغذية، وهو عقد توريد في مدلوله ومضمونه، ولا يخرج في أحكامه عما يجري تقريره في البيع على الصفة.

وهو أشبه ما يكون بما هو معروف في المذهب المالكي بـ (بيعة أهل المدينة) ورد النص عليها في المدونة، واعتمد صحتها فقهاء المذهب:

" قال: وقد كان الناس يبتاعون في اللحم بسعر معلوم فيأخذ كل يوم وزنا معلومًا، والثمن إلى العطاء، فلم ير الناس بذلك بأسا، واللحم وكل ما يباع في الأسواق مما يتبايع الناس به فهو كذلك لا يكون إلا بأمر معروف، ويبين ما يأخذ كل يوم، وإن كان الثمن إلى أجل معلوم، أو إلى العطاء، إذا كان ذلك العطاء معلومًا مأمونًا، إذا كان يشرع في أخر ما اشترى، ولم يره مالك من الدين بالدين.

قال مالك، ولقد حدثني عبد الرحمن بن المجبر عن سالم بن عبد الله قال: كنا نبتاع اللحم كذا وكذا رطلًا بدينار يأخذ كل يوم كذا وكذا، والثمن إلى العطاء فلم ير أحد ذلك دينًا بدين، ولم يروا به بأسًا " (١) .

قال العلامة أبو عبد الله محمد الرعيني الحطاب: " هذه تسمى بيعة أهل المدينة لاشتهارها بينهم. . . وليس ذلك محض سلم، ولذلك جاز تأخير رأس المال إليه فيه، ولا شراء شيء بعينه حقيقة ولذلك جاز أن يتأخر قبض جميعه إذا شرع في قبض أوله. . . وإجازة ذلك مع تسميته الأرطال التي يأخذ منه في كل يوم رطلين أو ثلاثة على الشرطين المذكورين [هما: الشروع في قبض أوله، وأن يكون أصله عند البائع] هو المشهور في المذهب ".


(١) المدونة: ٣ / ٢٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>