وهذه الشروط المتقدمة هي شروط بيع السلم الذي يكون المثمن فيه مؤجلًا وهي بنفسها تكون ثابتة للثمن إذا كان مؤجلًا، لأنها إنما اشترطت من قبل الشارع في المثمن لأجل أن لا تدخل المعاملة جهالة غررية أو يصح نزاع من قبل المتعاقدين فإذا كان الثمن أيضًا مؤجلًا وجد الملاك الذي لأجله اشترط الشارع هذه الشروط في المثمن فتشترط أيضًا في الثمن.
ومن هنا يتبين أن عقد التوريد إنما يجري في المثليات ونحوها من السلع والأثمان الموصوفة في الذمة. وليس معنى هذا أن عقد التوريد لا يمكن جريانه على السلع الموجودة الخارجية، فإن هذا العقد جائز بلا كلام وإن اشترط فيه قبض كمية معينة من المثمن عند كل أول شهر في مقابل تسليم مقابلها من الثمن، وإنما كان كلامنا في عقود التوريد التي تكون موصوفة في الذمة في مقابل وصف ثمنها الذي يكون في الذمة أيضًا، فهذه هي التي تجري في المثليات التي توصف في الذمة.
هل عقد التوريد لازم أو ليس بلازم؟ :
ذكر علماء الإمامية للزوم العقد أدلة يمكن جريانها في عقد التوريد الذي نحن بصدده وهي كما يلي:
١- الأصل العملي: ويعني به قاعدة الاستصحاب التي تقتضي لزوم العقد فإن الأصل اللزوم في كل عقد شك في لزومه شرعًا وكذا لو شك في أن الواقع في الخارج عقد لازم أو جائز (١) وتوضيح ذلك، أن عقد التوريد بعد انعقاده وحصول الاتفاق بين الطرفين على مضمونه يقتضي ملكية كل طرف لما في ذمة الآخر شيئًا معينًا يستحق قبضه في مدة معينة فإذا شككنا في زوال هذا العقد (التمليك) بمجرد رجوع أحد الطرفين مع عدم رضا صاحبه، يجري حينئذ استصحاب بقاء العقد (الملك) وهذا معناه لزوم العقد وعدم فسخ العقد إذا حصل من أحد الطرفين مع عدم رضا الآخر.