للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢- الأصل العقلائي: بناء على أن العقلاء يبنون على أصالة اللزوم في العقود إذا رجع أحد الطرفين مع عدم رضا صاحبه.

٣- أن الحديث النبوي القائل: ((الناس مسلطون على أموالهم)) (١) يقتضي أن لا يخرج المال عن ملك الإنسان إلا برضاه، وبعد أن تم عقد التوريد حصل تبادل في الأموال، ومقتضى هذا التبادل أن لا يخرج ما حصل عليه الإنسان بهذا العقد إلا برضاه، ومعنى ذلك عدم تأثير الفسخ لهذا العقد إذا لم يرض الطرف الآخر، ولو كان الفسخ من جانب واحد مؤثرًا (من دون رضا الطرف الآخر) كان هذا الفسخ منافيًّا للسلطنة المذكورة في الحديث النبوي.

وعيب هذا الدليل هو ضعف الرواية، لأنها ذكرت مرسلة في كتب المتأخرين.

٤- الحديث المروي عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفسه)) (٢) دل على انحصار سبب الحل في مال الغير (كما في الإباحة) أو جزء السبب للحل (كما في العقود، لأن جزئه الرضا والجزء الآخر العقد) في رضا المالك، فلا يحل مال الغير بغير رضاه وهو معنى اللزوم إذا فسخ أحد الطرفين من دون رضاء صاحبه.

٥- قال تعالى: {لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [النساء: ٢٩] حيث إن أكل المال ونقله من مالكه بغير رضاه هو أكل للمال بالباطل عرفًا، فيكون باطلًا شرعًا، وهو معنى عدم تأثير فسخ أحد الطرفين من دون رضاء صاحبه.

نعم: لو أذن المالك الحقيقي (وهو الشارع المقدس) وحكم بالتسلط على فسخ المعاملة من دون رضا المالك (كما في الخيارات الشرعية) خرج عن البطلان موضوعًا. ولكن ما دمنا نشك في عقد التوريد بحكم الشارع بجواز الفسخ فيه فيكون أخذ المال بفسخ أحد الطرفين من دون رضا صاحبه مصداقًا للآية القرآنية الشريفة فيكون أكلًا للمال بالباطل.


(١) هذه الرواية ذكرت مرسلة ولم تذكر إلا في كتب المتأخرين، وقيل: إنها مروية في البحار أيضًا.
(٢) نيل الأوطار: ٥ / ٣٣٤ كتاب الغصب والضمانات ح٢ وقد ورد بهذا المعنى عن رسول الله في كتاب مستدرك الوسائل قول رسول الله: المسلم أخو المسلم، لا يحل ماله إلا عن طيب نفسه، وورد أيضا عن علي عليه السلام: لا يجوز أخذ مال المسلم بغير طيب نفس منه راجع مستدرك الوسائل: ٣ / ١٤٥ كتاب الغصب الباب الأول، ح ٣ وح ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>