للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي المناقصة تتقدم الإيجابات من المشتركين، ويأتي القبول من المشتري على اختيار أفضلهم فيتم العقد.

التكييف الشرعي لعقد المناقصات:

بما أن المناقصات هي من العقود الجديدة التي لا أثر لها في نصوص الشرع فلا يمكن أن يستدل عليها بنصوص خاصة فيها.

ولكن بما أنها عقد عرفي بين طرفين يتضمن بيعًا أو إجارة أو مقاولة أو استثمارات، فيشملها عموم قوله تعالى: {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} و {تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ} و {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} إذا كانت المناقصة تتضمن بيعًا عرفيًّا بين الطرفين، لما ثبت في عقود التوريد من أن العقود المعاملية التي أشار إليها القرآن الكريم بقوله: {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} لا تختص بالعقود التي كانت موجودة في زمن صدور النص، بل النصوص الواردة في الشريعة المقدسة وردت على نحو القضية الحقيقة بمعنى أن الشارع المقدس أوجد حكمه على موضوع معين، ومتى وجد هذا الموضوع وجد الحكم ولو لم يكن الموضوع موجودًا حين صدور النص، ولكن بشرط اشتمال الموضوع (وهو العقد هنا) على الشروط التي اشترطها الشارع المقدس في صحة العقد، وعدم اشتماله على الموانع التي بينها الشارع لبطلان العقد (١) وسوف نتعرض لما يقترن أو يسبق عقد المناقصات أو يلحقه من عقود أو إجراءات لنراها هل تكون مانعة من صحة عقد المناقصة أم لا؟

علاقة المناقصة ببيع ما ليس عند البائع:

ذكرنا في عقد التوريد أن الروايات الحاكية لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع ما ليس عند البائع (٢) وروايات عدم مواجبة البيع للمشتري إلا بعد أن يشتري البائع السلعة (٣) ، (أي عدم شراء المشتري للسلعة إلا بعد أن يشتريها البائع) لابد من تخصيصها بالعين الخارجية (الشخصية) وذلك لورود الروايات لصحيحة التي عمل بها كل المسلمين في جواز بيع الكلي الموصوف في الذمة سلمًا، وبما أن المناقصات إذا كانت على سلع موصوفة تسلم في وقت معين فهي من السلم الجائز قطعًا ولا ربط لها ببيع ما ليس عند البائع.

أما إذا كانت المناقصة ليست متضمنة للبيع، بل متضمنة للإجارة (المقاولات) أو الانتفاع بعين وأمثالهما، فلا إشكال عن صحتها ولا ربط لها ببيع ما ليس عند البائع أصلًا الذي هو مختص بالعين الشخصية الخارجية التي لا يتصور فيها المناقصة بل المتصور فيه المساومة والمراوضة للوصول إلى الاتفاق وهو غير المناقصة.


(١) راجع عقود التوريد من هذا البحث، تمهيد.
(٢) وسائل الشيعة، ج ١٢، باب (٧) من أحكام العقود، ح ٢ وح ٥.
(٣) المصدر نفسه باب (٨) من أحكام العقود، ح ٤ وح ٦ وح١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>