إن دفتر الشروط الذي يحمل قائمة احتياجات المناقصة وما يتبعها من شروط ومواصفات اشتركت خبرات واستشارات في إعدادها وبذل المعد لهذا الدفتر في مقابله مالًا، فهو يعتبر ذا نفع للمشارك في المناقصة، وإن كان النفع اطلاعه على شروط مواصفات المناقصة. وعلى هذا يحق للمعد لهذا الدفتر بيعه على المشترك في المناقصة سواء كان بيعه على جميع المتنقاصين بسعر التكلفة أو أكثر، إذ يشمل هذه المعاملة العمومات كقوله تعالى:{أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} وقوله: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} .
نعم: من رست عليه المعاملة يستفيد من هذا الدفتر أكثر من غيره، ويمكن أن يباع هذا الدفتر بسعر تكلفته على كل واحد من المتناقصين ويكون خيار الفسخ لمن لم ترس المعاملة عليه. وحينئذ إذا رست المعاملة على أحدهم أخذه وشرع في العمل على طبقه. وأما الباقون فيرجع إليهم الثمن إذا فسخ كل واحد منهم عقده.
وفرق المعاملة الأولى عن الثانية هو: أن المعاملة الأولى إذا كان دفتر الشروط قد صرف عليه أربعون دينارًا يحق لمن أعده أن يبيعه على المشتركين في المناقصة (ولنفرضهم خمسين مشاركًا) كل دفتر بدينار أو كل دفتر بـ (٨٠٠) فلس فيحصل على ما خسره على دفتر الشروط مع الزيادة أو بلا زيادة أما المعاملة الثانية: فإن الدفتر يباع على كل واحد من الخمسين بأربعين دينارًا (وهو سعر الكلفة) مع خيار فسخ لمن لم ترس المعاملة عليه، فإن رست على أحدهم أخذه بالأربعين وأرجع الثمن إلى الباقين إذا فسخت معاملاتهم.
حكم تقديم نسبة من الثمن ضمانًا من المتقدم إلى المناقصة:
وهذا ما يسمى بالضمان النقدي الذي يقدمه من يتنافس على العملية إلى المستفيد الذي يدعو إلى المناقصة، ويستحقه المستفيد عند عدم قيام الطالب باتخاذ ما يلزم من رسو العملية عليه (١) ويسمى هذا الضمان الابتدائي، تمييزًا له عن الضمان النهائي الذي سيأتي.
وهذا الضمان يكشف عن جدية عرض الخدمات من قبل كل المشتركين وجدية إرادة المتعاقد. وتكييف هذا الضمان النقدي يكون بأحد وجوه ثلاثة:
أولًا: يمكن أن يكون في مقابل رضا (المشتري أو المقاول) لفسخ المعاملة، حيث إننا علمنا أن هذه المعاملة لازمة ومعنى ذلك عدم جواز الفسخ من قبل أحد الطرفين كالمشتري إذا لم يرض البائع، وحينئذ يكون دفع هذا الضمان النقدي إلى المستفيد في مقابل رضاه بفسخ المعاملة أو المقاولة، وهذا التوجيه يكون صحيحًا إذا كانت المعاملة قد تمت وصارت ملزمة حين قبول الداعي إلى المناقصة ويكون كتابة العقد للتوثيق فقط.
(١) أقول: إن صورة خطاب الضمان النقدي يؤدي إلى تجميد المال لمدة من الزمن، وقد استبدل بخطاب ضمان بحوالة أو شيك مصرفي أو ضمان بتعهد من شركة تأمين يجب عليها الدفع عند أول طلب من الجهة الداعية إلى المناقصة دون أي معارضة تصدر من صاحب العرض.