للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتعليقي الأخير في موضوع (الضمان، أن دفع مبلغ عند بدء المناقصة وهو المبلغ الذي يطلب، وهنا ما يسمى بكفالة دخول العطاء، حتى نضمن جدية هذا المتقدم من أنه عازم عزمًا أكيدًا على أنه إذا وافقت الشروط التي ذكرها في عرضه والتي طلبتها الجهة التي طرحت العطاء أو طلبت المناقصة أنها إذا أحالت عليه الأمر التزم بها، وبالتالي إذا لم يلتزم ستقع الجهة هذه – وهذا الذي لم أره في البحوث – في ضرر بالغ لأنها قد أضاعت وقتًا كبيرًا. لنفرض أن جهة معينة تريد أن تنفذ مشروعًا كبيرًا وطرحت عطاء واسعًا أو طلبت مناقصة واسعة من عدد كبير من الناس ووضعت وثائق ودفاتر واشتغلت سنوات حتى أعدت هذا المشروع ثم بعد ذلك تطرح هذا الأمر فقد يأتي شخص غير جاد فيعرض عرضًا غير دقيق وغير واضح فإذا أحيل عليه نكل. فإذا لم يكن هنالك كفالة لدخول العطاء أو لدخول المناقصة فإن هذا سيلحق الضرر البالغ بهذه الجهة.

فكنت آمل في هذا العرض هنا أن يشار ولا مانع من وضع قيد ألا يكون المبلغ المطلوب أو الكفالة المطلوبة أو الضمان المطلوب أمرًا زائدًا زيادة فاحشة عن الضرر الذي يكون قد لحق بهذه الجهة نتيجة عدم التزام هذا المتقدم بالشروط التي تقررت.

وأما الشكل الثاني من الضمان والذي يقابله في موضوع العطاءات (كفالة حسن التنفيذ) فهو أيضًا أمر يرتبط بجملة الشروط الواردة في عقد المناقصة أو الواردة في طرح العطاء، مثل التأخر في التنفيذ، وما يسمى بالعطل والضرر، إذا تخلف عن تنفيذ الالتزام الذي التزم به يوميًّا أو أيامًا يقدر ضرر معين يلحق بالجهة صاحبة العطاء أو صاحبة المناقصة بمبلغ معين أو بنسبة معينة، فهذا الأمر يجب أن يدرس على أساس أنه تعويض وليس على أساس أنه نوع من الربا أو نوع من أخذ المال بالباطل، وعلى الأقل أن توضع الشروط وأن تضمن ألا ينقلب هذا الأمر الذي هو تعويض عادل عن ضرر يلحق بالجهة المصدرة للمناقصة أو للعطاء، وذلك بأن توضع له شروط تضمن ألا ينقلب أداة للظلم أو أداة لأكل أموال الناس بالباطل. وعلى فكرة، في هذا المجال الجهات الواضعة للأنظمة هذه تضع من القيود والشروط ما يضمن ألا تتحول الغرامات هذه أو الكفالات هذه إلى أداة لظلم المتعهدين والمتقدمين بعروضهم في المناقصات، كأن تشترط ألا يتجاوز نسبة الكفالة كذا من العطاء الذي تم تنفيذه، وبالتالي تعطي شروط أخرى كأن يبرر التأخر تحت ظروف جوية معينة أو تحت أحوال معينة تتعلق بالظروف العامة من قلاقل أو مشاكل أو غير ذلك. فهذه الأنظمة حقيقية إذا أردنا أن نجيد في هذا الموضوع لابد أن تكون في ذهننا ونحن نتحدث عن هذا الموضوع لأنه تعامل معاصر فلا يصح أن نأخذه أجزاء وتفاريق إنما يجب أن ننظر إلى النظام المنظم لهذا النوع من المعاملات بشموله ونظره لأنه قد يكون بعض ما تحفظنا عليه قد تم تلافيه في نصوص أخرى في الأنظمة التي تضبط هذا الأمر وتنظم ما يتعلق به.

لا أريد أن أطيل لكن أحببت أن أقول إن مدخلنا كان يجب أن يكون أنه عقد معاصر ثم ننظر لتفصيلاته من منطلق قواعد الشريعة العامة في تنظيم العقود.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

<<  <  ج: ص:  >  >>