للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما ما يتعلق بالمناقصة، المناقصة هي في الواقع صورة عكسية للمزايدة، وما دام شرعنا أقر بالمزايدة، مقابلة الأضداد بعضها ببعض وأخذ الحكم منها قبل عكس هذه الأمور هو أيضًا مبدأ مقرر فقهًا. قضية العكس والطرد هذه مقررة فقهًا. فما ينطبق على المزايدة ينطبق على المناقصة. كل ما في الأمر أن المناقصة لا يتم فيها في الواقع إبرام عقد لأول وهلة وإنما هي أشبه بالمساومة أولًا، ثم يأتي بعد ذلك رسو العطاء على شخص معين وهو من يتقدم بأقل العروض، هذا إذا أحسنا الظن، ولكن الذي أؤكده أنه في عصرنا الحاضر (٩٠ %) من المناقصات تتم بالغش والاحتيال والرشوة والتواطؤ، والذي يدفع أكثر رشوة هو الذي يرسو عليه العطاء، هذه ناحية جانبيه، لكن إذا التزمنا الناحية الشرعية فإن مقدم العطاء الأقل هو الذي ينبغي أن يرسو عليه الموضوع ثم يتم الاتفاق، إذا لا يجوز أن نجعل الإيجاب معلقًا حتى يأتي القبول من الجهة المنظمة للمناقصة لأنه لا يجوز أن يتأخر القبول عن الإيجاب في هذه المرحلة الزمنية الطويلة التي تتم بين المناقصة وبين رسوها، فالواقع القيود الفقهية في هذا الموضوع تمنع من وصف المناقصة أنه بمثابة الإيجاب المعلق، فهذا لا يجوز تعليقه ولا توقيفه إلى هذه الفترة الزمنية الطويلة , وإنما هو عرض مثل عروض الممارسات والمساومات ثم يتم الاتفاق عليه في نهاية الأمر.

أما الأمور الجانبية الأخرى مثل قضية دفتر الشروط فالواقع هذا أمر أيضًا تقره العدالة، وكل شيء حتى نفقات الطباعة تكلف الجهة المنظمة، ويريح من يتقدم إلى هذه المناقصة بدلًا من التردد على الموظفين وتقديم الرشوات لمعرفة شروط المناقصة، هذا الدفتر واضح المعالم فإذا دفع ثمنه فهو يدفع ثمن تكلفة طباعة لهذا الدفتر فلا إشكال فيه.

أما قضية الضمان من المشاركين، نحن ينبغي أن نلتزم في هذه بقرارات مجمع الفقه الإسلامي وهي قضية الضمان الابتدائي والضمان النهائي من خلال قراراتنا في خطابات الضمان. والواقع أن ما يتغرمه كل من المخل بمقتضى الضمان الابتدائي والنهائي هو مشروع، حتى إننا نجد شبهًا لهذا في بعض الجوانب وهي قضية العربون. بعض الكاتبين يقولون أننا شبهنا الضمان الابتدائي بالعربون، هذا التشبيه ليس من كل الأوجه، فنحن نشبه بأن العربون يدفع والخسارة يتحملها مقدم العربون لضمان الجدية. فالجدية هنا أيضًا متوافرة وهو حلال شرعًا ولنا قرار سابق ببروناي من إنجاز بيع العربون. فنحن لا نشبه هذا الضمان بالعربون من كل جوانبه، صحيح أن العربون لا يكون إلا بعد عقد بيع أو عقد من العقود ولكن نحن نشبهه في أن العربون إذا خسره مقدمه فإنما يخسره بسبب إلحاقه ضررًا بالبائع، فالشبه في هذه الزاوية فقط. شبه استحلال واستحقاق مبلغ العربون أو مبلغ الضمان في هذا الموضوع. وهناك جزئيات كثيرة إن كنا نسير على ما تفضل به الشيخ تقي ففي الواقع أنا أقره في هذا التحليل المعمق لهذا الموضوع المترامي الأطراف لكن القضية تحتاج منا إلى تبسيط أكثر مما نجده في هذه الكتابات. وشكرًا لكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

<<  <  ج: ص:  >  >>